فصل: باب الِاخْتِلاَفِ فِي أَنْ يَكُونَ الْحَيَوَانُ نَسِيئَةً أَوْ يَصْلُحَ مِنْهُ اثْنَانِ بِوَاحِدٍ

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الأم ***


السَّلَفُ فِي الْجُبْنِ رَطْبًا وَيَابِسًا

قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله‏:‏ وَالسَّلَفُ فِي الْجُبْنِ رَطْبًا طَرِيًّا كَالسَّلَفِ فِي اللَّبَنِ لاَ يَجُوزُ إلَّا بِأَنْ يَشْرِطَ صِفَةَ جُبْنِ يَوْمِهِ أَوْ يَقُولَ جُبْنًا رَطْبًا طَرِيًّا؛ لِأَنَّ الطَّرَاءَ مِنْهُ مَعْرُوفٌ وَالْغَابَّ مِنْهُ مُفَارِقٌ لِلطَّرِيِّ فَالطَّرَاءُ فِيهِ صِفَةٌ يُحَاطُ بِهَا، وَلاَ خَيْرَ فِي أَنْ يَقُولَ غَابٌّ؛ لِأَنَّهُ يَقُولُ إذَا زَايَلَ الطَّرَاءَ كَانَ غَابًّا، وَإِذَا مَرَّتْ لَهُ أَيَّامٌ كَانَ غَابًّا وَمُرُورُ الْأَيَّامِ نَقْصٌ لَهُ كَمَا كَثْرَةُ الْحُمُوضَةِ نَقْصٌ فِي اللَّبَنِ لاَ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ غَابٌّ؛ لِأَنَّهُ لاَ يَنْفَصِلُ أَوَّلَ مَا يَدْخُلُ فِي الْغُبُوبِ مِنْ الْمَنْزِلَةِ الَّتِي بَعْدَهَا فَيَكُونُ مَضْبُوطًا بِصِفَةٍ وَالْجَوَابُ‏:‏ فِيهِ كَالْجَوَابِ فِي حُمُوضَةِ اللَّبَنِ، وَلاَ خَيْرَ فِي السَّلَفِ فِيهِ إلَّا بِوَزْنٍ فَأَمَّا بِعَدَدٍ فَلاَ خَيْرَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لاَ يَخْتَلِفُ فَلاَ يَقِفُ الْبَائِعُ، وَلاَ الْمُشْتَرِي مِنْهُ عَلَى حَدٍّ مَعْرُوفٍ وَيُشْتَرَطُ فِيهِ جُبْنُ مَاعِزٍ أَوْ جُبْنُ ضَائِنٍ أَوْ جُبْنُ بَقَرٍ كَمَا وَصَفْنَا فِي اللَّبَنِ وَهُمَا سَوَاءٌ فِي هَذَا الْمَعْنَى‏.‏

قال‏:‏ وَالْجُبْنُ الرَّطْبُ لَبَنٌ يُطْرَحُ فِيهِ الْأَنَافِحُ فَيَتَمَيَّزُ مَاؤُهُ وَيُعْزَلُ خَاثِرُ لَبَنِهِ فَيُعْصَرُ فَإِذَا سَلَّفَ فِيهِ رَطْبًا فَلاَ أُبَالِي، أَسَمَّى صِغَارًا أَمْ كِبَارًا وَيَجُوزُ إذَا وَقَعَ عَلَيْهِ اسْمُ الْجُبْنِ‏.‏

قال‏:‏ وَلاَ بَأْسَ بِالسَّلَفِ فِي الْجُبْنِ الْيَابِسِ وَزْنًا وَعَلَى مَا وَصَفْت مِنْ جُبْنِ ضَائِنٍ أَوْ بَقَرٍ فَأَمَّا الْإِبِلُ فَلاَ أَحْسِبُهَا يَكُونُ لَهَا جُبْنٌ وَيُسَمِّيهِ جُبْنَ بَلَدٍ مِنْ الْبُلْدَانِ؛ لِأَنَّ جُبْنَ الْبُلْدَانِ يَخْتَلِفُ وَهُوَ أَحَبُّ إلَيَّ لَوْ قَالَ مَا جَبُنَ مُنْذُ شَهْرٍ أَوْ مُنْذُ كَذَا أَوْ جَبُنَ عَامَهُ إذَا كَانَ هَذَا يُعْرَفُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ إذَا دَخَلَ فِي حَدِّ الْيُبْسِ أَثْقَلَ مِنْهُ إذَا تَطَاوَلَ جُفُوفُهُ‏.‏

قال‏:‏ وَلَوْ تَرَكَ هَذَا لَمْ يُفْسِدْهُ؛ لِأَنَّا نُجِيزُ مِثْلَ هَذَا فِي اللَّحْمِ وَاللَّحْمُ حِينَ يُسْلَخُ أَثْقَلُ مِنْهُ بَعْدَ سَاعَةٍ مِنْ جُفُوفِهِ وَالثَّمَرُ فِي أَوَّلِ مَا يَيْبَسُ يَكَادُ يَكُونُ أَقَلَّ نُقْصَانًا مِنْهُ بَعْدَ شَهْرٍ أَوْ أَكْثَرَ، وَلاَ يَجُوزُ إلَّا أَنْ يُقَالَ جُبْنٌ غَيْرُ قَدِيمٍ فَكُلُّ مَا أَتَاهُ بِهِ فَقَالَ أَهْلُ الْعِلْمِ بِهِ لَيْسَ يَقَعُ عَلَى هَذَا اسْمُ قَدِيمٍ أَخَذَهُ، وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُ أَطْرَى مِنْ بَعْضٍ؛ لِأَنَّ‏.‏ السَّلَفَ أَقَلُّ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الطَّرَاءَةِ وَالْمُسَلِّفُ مُتَطَوِّعٌ بِمَا هُوَ أَكْثَرُ مِنْهُ، وَلاَ خَيْرَ فِي أَنْ يَقُولَ جُبْنٌ عَتِيقٌ، وَلاَ قَدِيمٌ؛ لِأَنَّ أَقَلَّ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الْعَتِيقِ وَالْقَدِيمِ غَيْرُ مَحْدُودٍ وَكَذَلِكَ آخِرُهُ غَيْرُ مَحْدُودٍ وَكُلُّ مَا تَقَدَّمَ فِي اسْمِ الْعَتِيقِ فَازْدَادَتْ اللَّيَالِي مُرُورًا عَلَيْهِ كَانَ نَقْصًا لَهُ كَمَا وَصَفْنَا قَبْلَهُ فِي حُمُوضَةِ اللَّبَنِ وَكُلُّ مَا كَانَ عَيْبًا فِي الْجُبْنِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِهِ مِنْ إفْرَاطِ مِلْحٍ أَوْ حُمُوضَةِ طَعْمٍ أَوْ غَيْرِهِ، لَمْ يَلْزَمْ الْمُشْتَرِي‏.‏

السَّلَفُ فِي اللِّبَأِ

قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله‏:‏ وَلاَ بَأْسَ بِالسَّلَفِ فِي اللِّبَأِ بِوَزْنٍ مَعْلُومٍ، وَلاَ خَيْرَ فِيهِ إلَّا مَوْزُونًا، وَلاَ يَجُوزُ مَكِيلاً مِنْ قَبْلِ تَكَبُّسِهِ وَتَجَافِيهِ فِي الْمِكْيَالِ وَالْقَوْلُ فِيهِ كَالْقَوْلِ فِي اللَّبَنِ وَالْجُبْنِ يَصِفُ مَاعِزًا أَوْ ضَائِنًا أَوْ بَقَرًا أَوْ طَرِيًّا فَيَكُونُ لَهُ أَقَلُّ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الطَّرَاءَةِ وَيَكُونُ الْبَائِعُ مُتَطَوِّعًا بِمَا هُوَ خَيْرٌ مِنْ ذَلِكَ، وَلاَ يَصْلُحُ أَنْ يَقُولَ غَيْرَ الطَّرِيِّ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ كَمَا وَصَفْت غَيْرُ مَحْدُودِ الْأَوَّلِ وَالْآخِرِ وَالتَّزَيُّدُ فِي الْبُعْدِ مِنْ الطَّرَاءَةِ نَقْصٌ عَلَى الْمُشْتَرِي‏.‏

الصُّوفُ وَالشَّعْرُ

قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله‏:‏ وَلاَ خَيْرَ فِي أَنْ يُسْلِمَ فِي صُوفِ غَنَمٍ بِأَعْيَانِهَا، وَلاَ شَعْرِهَا إذَا كَانَ ذَلِكَ إلَى يَوْمٍ وَاحِدٍ فَأَكْثَرَ وَذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ تَأْتِي الْآفَةُ عَلَيْهِ فَتُذْهِبُهُ أَوْ تُنْقِصُهُ قَبْلَ الْيَوْمِ وَقَدْ يَفْسُدُ مِنْ وَجْهٍ غَيْرِ هَذَا، وَلاَ خَيْرَ فِي أَنْ يُسْلِمَ فِي أَلْبَانِ غَنَمٍ بِأَعْيَانِهَا، وَلاَ زُبْدِهَا، وَلاَ سَمْنِهَا، وَلاَ لِبَئِهَا، وَلاَ جُبْنِهَا، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ بِكَيْلٍ مَعْلُومٍ وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ مِنْ قِبَلِ أَنَّ الْآفَةَ تَأْتِي عَلَيْهَا فَتُهْلِكُهَا فَيَنْقَطِعُ مَا أَسْلَفَ فِيهِ مِنْهَا وَتَأْتِي عَلَيْهَا بِغَيْرِ هَلاَكِهَا فَتَقْطَعُ مَا يَكُونُ مِنْهُ مَا أَسْلَمَ فِيهِ مِنْهَا أَوْ تُنْقِصُهُ وَكَذَلِكَ لاَ خَيْرَ فِيهِ وَلَوْ حُلِبَتْ لَك حِينَ تَشْتَرِيهَا؛ لِأَنَّ الْآفَةَ تَأْتِي عَلَيْهَا قَبْلَ الِاسْتِيفَاءِ‏.‏

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ وَذَلِكَ أَنَّا لَوْ أَجَزْنَا هَذَا فَجَاءَتْ الْآفَةُ عَلَيْهَا بِأَمْرٍ يَقْطَعُ مَا أَسْلَمَ فِيهِ مِنْهَا أَوْ بَعْضَهُ فَرَدَدْنَاهُ عَلَى الْبَائِعِ بِمِثْلِ الصِّفَةِ الَّتِي أَسْلَفَهُ فِيهَا كُنَّا ظَلَمْنَاهُ؛ لِأَنَّهُ بَائِعُ صِفَةٍ مِنْ غَنَمٍ بِعَيْنِهَا فَحَوَّلْنَاهَا إلَى غَنَمٍ غَيْرِهَا وَهُوَ لَوْ بَاعَهُ عَيْنًا فَهَلَكَتْ لَمْ نُحَوِّلْهُ إلَى غَيْرِهَا وَلَوْ لَمْ نُحَوِّلْهُ إلَى غَيْرِهَا كُنَّا أَجَزْنَا أَنْ يَشْتَرِيَ غَيْرَ عَيْنٍ بِعَيْنِهَا وَغَيْرَ مَضْمُونٍ عَلَيْهِ بِصِفَةٍ يُكَلَّفُ الْإِتْيَانَ بِهِ مَتَى حَلَّ عَلَيْهِ فَأَجَزْنَا فِي بُيُوعِ الْمُسْلِمِينَ مَا لَيْسَ مِنْهَا، إنَّمَا بُيُوعُ الْمُسْلِمِينَ بَيْعُ عَيْنٍ بِعَيْنِهَا يَمْلِكُهَا الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ أَوْ صِفَةٍ بِعَيْنِهَا يَمْلِكُهَا الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ وَيَضْمَنُهَا حَتَّى يُؤَدِّيَهَا إلَى الْمُشْتَرِي‏.‏

قال‏:‏ وَإِذَا لَمْ يَجُزْ أَنْ يُسْلِمَ الرَّجُلُ إلَى الرَّجُلِ فِي ثَمَرِ حَائِطٍ بِعَيْنِهِ، وَلاَ فِي حِنْطَةِ أَرْضٍ بِعَيْنِهَا لِمَا وَصَفْت مِنْ الْآفَاتِ الَّتِي تَقَعُ فِي الثَّمَرَةِ وَالزَّرْعِ كَانَ لَبَنُ الْمَاشِيَةِ وَنَسْلُهَا كُلُّهُ فِي هَذَا الْمَعْنَى تُصِيبُهَا الْآفَاتُ كَمَا تُصِيبُ الزَّرْعَ وَالثَّمَرَ وَكَانَتْ الْآفَاتُ إلَيْهِ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْحَالاَتِ أَسْرَعَ‏.‏

قال‏:‏ وَهَكَذَا كُلُّ مَا كَانَ مِنْ سِلْكٍ فِي عَيْنٍ بِعَيْنِهَا تُقْطَعُ مِنْ أَيْدِي النَّاسِ، وَلاَ خَيْرَ فِي السَّلَفِ حَتَّى يَكُونَ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يُشْتَرَطُ فِيهِ مَحَلُّهُ مَوْجُودًا فِي الْبَلَدِ الَّذِي يُشْتَرَطُ فِيهِ لاَ يَخْتَلِفُ فِيهِ بِحَالٍ فَإِنْ كَانَ يَخْتَلِفُ فَلاَ خَيْرَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ غَيْرُ مَوْصُولٍ إلَى أَدَائِهِ، فَعَلَى هَذَا كُلُّ مَا‏.‏ سَلَّفَ وَقِيَاسُهُ، وَلاَ بَأْسَ أَنْ تُسَلِّفَ فِي شَيْءٍ لَيْسَ فِي أَيْدِي النَّاسِ حِينَ تُسَلِّفُ فِيهِ إذَا شَرَطْت مَحِلَّهُ فِي وَقْتٍ يَكُونُ مَوْجُودًا فِيهِ بِأَيْدِي النَّاسِ‏.‏

السَّلَفُ فِي اللَّحْمِ

قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله‏:‏ كُلُّ لَحْمٍ مَوْجُودٍ بِبَلَدٍ مِنْ الْبُلْدَانِ لاَ يَخْتَلِفُ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يَحِلُّ فِيهِ فَالسَّلَفُ فِيهِ جَائِزٌ وَمَا كَانَ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يَحِلُّ فِيهِ يَخْتَلِفُ فَلاَ خَيْرَ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ يَكُونُ لاَ يَخْتَلِفُ فِي حِينِهِ الَّذِي يَحِلُّ فِيهِ فِي بَلَدٍ وَيَخْتَلِفُ فِي بَلَدٍ آخَرَ جَازَ السَّلَفُ فِيهِ فِي الْبَلَدِ الَّذِي لاَ يَخْتَلِفُ وَفَسَدَ السَّلَفُ فِي الْبَلَدِ الَّذِي يَخْتَلِفُ فِيهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مِمَّا لاَ يَتَغَيَّرُ فِي الْحِمْلِ فَيُحْمَلُ مِنْ بَلَدٍ إلَى بَلَدٍ مِثْلُ الثِّيَابِ وَمَا أَشْبَهَهَا، فَأَمَّا مَا كَانَ رَطْبًا مِنْ الْمَأْكُولِ وَكَانَ إذَا حُمِلَ مِنْ بَلَدٍ إلَى بَلَدٍ تَغَيَّرَ لَمْ يَجُزْ فِيهِ السَّلَفُ فِي الْبَلَدِ الَّذِي يَخْتَلِفُ فِيهِ، وَهَكَذَا كُلُّ سِلْعَةٍ مِنْ السِّلَعِ إذَا لَمْ تَخْتَلِفْ فِي وَقْتِهَا فِي بَلَدٍ جَازَ فِيهِ السَّلَفُ، وَإِذَا اخْتَلَفَتْ بِبَلَدٍ لَمْ يَجُزْ السَّلَفُ فِيهِ فِي الْحِينِ الَّذِي تَخْتَلِفُ فِيهِ إذَا كَانَتْ مِنْ الرَّطْبِ مِنْ الْمَأْكُولِ‏.‏

صِفَةُ اللَّحْمِ وَمَا يَجُوزُ فِيهِ وَمَا لاَ يَجُوزُ

قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله‏:‏ مَنْ أَسْلَفَ فِي لَحْمٍ فَلاَ يَجُوزُ فِيهِ حَتَّى يَصِفَهُ يَقُولُ‏:‏ لَحْمُ مَاعِزِ ذَكَرٍ خَصِيٍّ أَوْ ذَكَرٍ ثَنِيٍّ فَصَاعِدًا أَوْ جَدْيٍ رَضِيعٍ أَوْ فَطِيمٍ وَسَمِينٍ أَوْ مُنْقٍ وَمِنْ مَوْضِعِ كَذَا وَيَشْتَرِطُ الْوَزْنَ أَوْ يَقُولُ لَحْمُ مَاعِزَةٍ ثَنِيَّةٍ فَصَاعِدًا أَوْ صَغِيرَةٍ يَصِفُ لَحْمَهَا وَمَوْضِعَهَا وَيَقُولُ لَحْمُ ضَائِنٍ وَيَصِفُهُ هَكَذَا، وَيَقُولُ فِي الْبَعِيرِ خَاصَّةً بَعِيرُ رَاعٍ مِنْ قِبَلِ اخْتِلاَفِ الرَّاعِي وَالْمَعْلُوفِ وَذَلِكَ أَنَّ لُحْمَان ذُكُورِهَا وَإِنَاثِهَا وَصِغَارِهَا وَكِبَارِهَا وَخُصْيَانِهَا وَفُحُولِهَا تَخْتَلِفُ وَمَوَاضِعُ لَحْمِهَا تَخْتَلِفُ وَيَخْتَلِفُ لَحْمُهَا فَإِذَا حَدَّ بِسَمَانَةٍ كَانَ لِلْمُشْتَرِي أَدْنَى مَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ السَّمَانَةِ، وَكَانَ الْبَائِعُ مُتَطَوِّعًا بِأَعْلَى مِنْهُ إنْ أَعْطَاهُ إيَّاهُ، وَإِذَا حَدَّهُ مُنْقِيًا كَانَ لَهُ أَدْنَى مَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الْإِنْقَاءِ وَالْبَائِعُ مُتَطَوِّعٌ بِاَلَّذِي هُوَ أَكْثَرُ مِنْهُ، وَأَكْرَهُ أَنْ يَشْتَرِطَهُ أَعْجَفَ بِحَالٍ وَذَلِكَ أَنَّ الْأَعْجَفَ يَتَبَايَنُ وَالزِّيَادَةُ فِي الْعَجَفِ نَقْصٌ عَلَى الْمُشْتَرِي وَالْعَجَفُ فِي اللَّحْمِ كَمَا وَصَفْت مِنْ الْحُمُوضَةِ فِي اللَّبَنِ لَيْسَتْ بِمَحْدُودَةِ الْأَعْلَى، وَلاَ الْأَدْنَى، وَإِذَا زَادَتْ كَانَ نَقْصًا غَيْرَ مَوْقُوفٍ عَلَيْهِ الزِّيَادَةُ فِي السَّمَّانَةِ شَيْءٌ يَتَطَوَّعُ بِهِ الْبَائِعُ الْمُشْتَرِيَ‏.‏

قال‏:‏ فَإِنْ شَرَطَ مَوْضِعًا مِنْ اللَّحْمِ وَزَنَ ذَلِكَ الْمَوْضِعَ بِمَا فِيهِ مِنْ عَظْمٍ؛ لِأَنَّ الْعَظْمَ لاَ يَتَمَيَّزُ مِنْ اللَّحْمِ كَمَا يَتَمَيَّزُ التِّبْنُ وَالْمَدَرُ وَالْحِجَارَةُ مِنْ الْحِنْطَةِ، وَلَوْ ذَهَبَ بِمَيْزِهِ أَفْسَدَ اللَّحْمَ عَلَى آخِذِهِ وَبَقِيَ مِنْهُ عَلَى الْعِظَامِ مَا يَكُونُ فَسَادًا وَاللَّحْمُ أَوْلَى أَنْ لاَ يُمَيَّزَ وَأَنْ يَجُوزَ بَيْعُ عِظَامِهِ مَعَهُ لِاخْتِلاَطِ اللَّحْمِ بِالْعَظْمِ مِنْ النَّوَى فِي التَّمْرِ إذَا اشْتَرَى وَزْنًا؛ لِأَنَّ النَّوَاةَ تُمَيَّزُ مِنْ التَّمْرَةِ غَيْرَ أَنَّ التَّمْرَةَ إذَا أُخْرِجَتْ نَوَاتُهَا لَمْ تَبْقَ بَقَاءَهَا إذَا كَانَتْ نَوَاتُهَا فِيهَا‏.‏

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ تَبَايَعَ النَّاسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التَّمْرَ كَيْلاً وَفِيهِ نَوَاهُ وَلَمْ نَعْلَمْهُمْ تَبَايَعُوا اللَّحْمَ قَطُّ إلَّا فِيهِ عِظَامُهُ، فَدَلَّتْ السُّنَّةُ إذَا جَازَ بَيْعُ التَّمْرِ بِالنَّوَى عَلَى أَنَّ بَيْعَ اللَّحْمِ بِالْعِظَامِ فِي مَعْنَاهَا أَوْ أَجْوَزُ فَكَانَتْ قِيَاسًا وَخَبَرًا وَأَثَرًا لَمْ أَعْلَمْ النَّاسَ اخْتَلَفُوا فِيهِ‏.‏

قَالَ‏:‏ وَإِذَا أَسْلَفَ فِي شَحْمِ الْبَطْنِ أَوْ الْكُلَى وَوَصَفَهُ وَزْنًا فَهُوَ جَائِزٌ، وَإِنْ قَالَ شَحْمٌ لَمْ يَجُزْ لِاخْتِلاَفِ شَحْمِ الْبَطْنِ وَغَيْرِهِ، وَكَذَلِكَ إنْ سَلَّفَ فِي الْأَلْيَاتِ فَتُوزَنُ، وَإِذَا سَلَّفَ فِي شَحْمٍ سُمِّيَ شَحْمًا، صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا، وَمَاعِزًا أَوْ ضَائِنًا‏.‏

لَحْمُ الْوَحْشِ

قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله‏:‏ وَلَحْمُ الْوَحْشِ كُلُّهُ كَمَا وَصَفْت مِنْ لَحْمِ الْأَنِيسِ، إذَا كَانَ بِبَلَدٍ يَكُونُ بِهَا مَوْجُودًا لاَ يَخْتَلِفُ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يَحِلُّ فِيهِ بِحَالٍ جَازَ السَّلَفُ فِيهِ، وَإِذَا كَانَ يَخْتَلِفُ فِي حَالٍ وَيُوجَدُ فِي أُخْرَى لَمْ يَجُزْ السَّلَفُ فِيهِ إلَّا فِي الْحَالِ الَّتِي لاَ يَخْتَلِفُ فِيهَا قَالَ، وَلاَ أَحْسِبُهُ يَكُونُ مَوْجُودًا بِبَلَدٍ أَبَدًا إلَّا هَكَذَا وَذَلِكَ أَنَّ مِنْ الْبُلْدَانِ مَا لاَ وَحْشَ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ بِهِ مِنْهَا وَحْشٌ فَقَدْ يُخْطِئُ صَائِدُهُ وَيُصِيبُهُ وَالْبُلْدَانُ، وَإِنْ كَانَ مِنْهَا مَا يُخْطِئُهُ لَحْمٌ يَجُوزُ فِيهِ فِي كُلِّ يَوْمٍ أَوْ بِهَا بَعْضُ اللَّحْمِ دُونَ بَعْضٍ فَإِنَّ الْغَنَمَ تَكَادُ أَنْ تَكُونَ مَوْجُودَةً وَالْإِبِلُ وَالْبَقَرُ فَيَأْخُذُ الْمُسَلَّفَ الْبَائِعُ بِأَنْ يَذْبَحَ فَيُوَفِّيَ صَاحِبَهُ حَقَّهُ؛ لِأَنَّ الذَّبْحَ لَهُ مُمْكِنٌ بِالشِّرَاءِ، وَلاَ يَكُونُ الصَّيْدُ لَهُ مُمْكِنًا بِالشِّرَاءِ وَالْأَخْذِ كَمَا يُمْكِنُهُ الْأَنِيسُ فَإِنْ كَانَ بِبَلَدٍ يَتَعَذَّرُ بِهِ لَحْمُ الْأَنِيسِ أَوْ شَيْءٌ مِنْهُ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يُسَلِّفُ فِيهِ لَمْ يَجُزْ السَّلَفُ فِيهِ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يَتَعَذَّرُ فِيهِ، وَلاَ يَجُوزُ السَّلَفُ فِي لَحْمِ الْوَحْشِ إذَا كَانَ مَوْجُودًا بِبَلَدٍ إلَّا عَلَى مَا وَصَفْت مِنْ لَحْمِ الْأَنِيسِ أَنْ يَقُولَ لَحْمُ ظَبْيٍ أَوْ أَرْنَبٍ أَوْ ثَيْتَلٍ أَوْ بَقَرِ وَحْشٍ أَوْ حُمُرِ وَحْشٍ أَوْ صِنْفٍ بِعَيْنِهِ وَيُسَمِّيهِ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا وَيُوصَفُ اللَّحْمُ كَمَا وَصَفْت وَسَمِينًا أَوْ مُنْقِيًا كَمَا وَصَفْت فِي اللَّحْمِ لاَ يُخَالِفُهُ فِي شَيْءٍ إلَّا أَنْ تَدْخُلَهُ خَصْلَةٌ لاَ تَدْخُلُ لَحْمَ الْأَنِيسِ إنْ كَانَ مِنْهُ شَيْءٌ يُصَادُ بِشَيْءٍ يَكُونُ لَحْمُهُ مَعَهُ طَيِّبًا وَآخَرُ يُصَادُ بِشَيْءٍ يَكُونُ لَحْمُهُ مَعَهُ غَيْرَ طَيِّبٍ شَرَطَ صَيْدَ كَذَا دُونَ صَيْدِ كَذَا، فَإِنْ لَمْ يَشْرِطْ مِثْلَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِهِ فَإِنْ كَانُوا يُبَيِّنُونَ فِي بَعْضِ اللَّحْمِ الْفَسَادَ فَالْفَسَادُ عَيْبٌ، وَلاَ يَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ، فَإِنْ كَانُوا يَقُولُونَ لَيْسَ بِفَسَادٍ وَلَكِنْ صَيْدُ كَذَا أَطْيَبُ فَلَيْسَ هَذَا بِفَسَادٍ، وَلاَ يُرَدُّ عَلَى الْبَائِعِ وَيَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ وَهَذَا يُدْخِلُ الْغَنَمَ فَيَكُونُ بَعْضُهَا أَطْيَبَ لَحْمًا مِنْ بَعْضٍ، وَلاَ يُرَدُّ مِنْ لَحْمِهِ إلَّا مِنْ فَسَادٍ‏.‏

قال‏:‏ وَمَتَى أَمْكَنَ السَّلَفُ فِي الْوَحْشِ فَالْقَوْلُ فِيهِ كَالْقَوْلِ فِي الْأَنِيسِ فَإِنَّمَا يَجُوزُ بِصِفَةٍ وَسِنٍّ وَجِنْسٍ‏.‏

وَيَجُوزُ السَّلَفُ فِي لَحْمِ الطَّيْرِ كُلِّهِ بِصِفَةٍ وَسَمَانَةٍ، وَإِنْقَاءٍ وَوَزْنٍ غَيْرَ أَنَّهُ لاَ سِنَّ لَهُ وَإِنَّمَا يُبَاعُ بِصِفَةٍ مَكَانَ السِّنِّ بِكَبِيرٍ وَصَغِيرٍ وَمَا احْتَمَلَ أَنْ يُبَاعَ مُبَعَّضًا بِصِفَةٍ مَوْصُوفَةٍ وَمَا لَمْ يَحْتَمِلْ أَنْ يُبَعَّضَ لِصِغَرِهِ وُصِفَ طَائِرُهُ وَسَمَانَتُهُ وَأَسْلَمَ فِيهِ بِوَزْنٍ لاَ يَجُوزُ أَنْ يُسْلَمَ فِيهِ بِعَدَدٍ وَهُوَ لَحْمٌ إنَّمَا يَجُوزُ الْعَدَدُ فِي الْحَيِّ دُونَ الْمَذْبُوحِ وَالْمَذْبُوحُ طَعَامٌ لاَ يَجُوزُ إلَّا مَوْزُونًا، وَإِذَا أَسْلَمَ فِي لَحْمِ طَيْرٍ وَزْنًا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ أَنْ يَأْخُذَ فِي الْوَزْنِ رَأْسَهُ، وَلاَ رِجْلَيْهِ مِنْ دُونِ الْفَخِذَيْنِ؛ لِأَنَّ رِجْلَيْهِ لاَ لَحْمَ فِيهِمَا وَأَنَّ رَأْسَهُ إذَا قَصَدَ اللَّحْمَ كَانَ مَعْرُوفًا أَنَّهُ لاَ يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ اللَّحْمِ الْمَقْصُودِ قَصْدُهُ‏.‏

الْحِيتَانُ

قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله تعالى‏:‏ الْحِيتَانُ إذَا كَانَ السَّلَفُ يَحِلُّ فِيهَا فِي وَقْتٍ لاَ يَنْقَطِعُ مَا أُسْلِفَ فِيهِ مِنْ أَيْدِي النَّاسِ بِذَلِكَ الْبَلَدِ جَازَ السَّلَفُ فِيهَا، وَإِذَا كَانَ الْوَقْتُ الَّذِي يَحِلُّ فِيهِ فِي بَلَدٍ يَنْقَطِعُ، وَلاَ يُوجَدُ فِيهِ فَلاَ خَيْرَ فِي السَّلَفِ فِيهَا كَمَا قُلْنَا فِي لَحْمِ الْوَحْشِ وَالْأَنِيسِ‏.‏

قال‏:‏ وَإِذَا أَسْلَمَ فِيهَا أَسْلَمَ فِي مَلِيحٍ بِوَزْنٍ أَوْ طَرِيٍّ بِوَزْنٍ مَعْلُومٍ، وَلاَ يَجُوزُ السَّلَفُ فِيهِ حَتَّى يُسَمَّى كُلُّ حُوتٍ مِنْهُ بِجِنْسِهِ فَإِنَّهُ يَخْتَلِفُ اخْتِلاَفَ اللَّحْمِ وَغَيْرِهِ، وَلاَ يَجُوزُ أَنْ يُسَلَّفَ فِي شَيْءٍ مِنْ الْحِيتَانِ إلَّا بِوَزْنٍ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ فَقَدْ تُجِيزُ السَّلَفَ فِي الْحَيَوَانِ عَدَدًا مَوْصُوفًا فَمَا فَرْقٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحِيتَانِ‏؟‏ قِيلَ الْحَيَوَانُ يُشْتَرَى بِمَعْنَيَيْنِ أَحَدُهُمَا الْمَنْفَعَةُ بِهِ فِي الْحَيَاةِ وَهِيَ الْمَنْفَعَةُ الْعُظْمَى فِيهِ الْجَامِعَةُ وَالثَّانِيَةُ لِيُذْبَحَ فَيُؤْكَلَ فَأَجَزْت شِرَاءَهُ حَيًّا لِلْمَنْفَعَةِ الْعُظْمَى وَلَسْت أُجِيزُ‏.‏ شِرَاءَهُ مَذْبُوحًا بِعَدَدٍ أَلاَ تَرَى أَنَّهُ إنْ قَالَ أَبِيعُك لَحْمَ شَاةٍ ثَنِيَّةٍ مَاعِزَةٍ وَلَمْ يَشْتَرِطْ وَزْنًا لَمْ أُجِزْهُ‏؟‏؛ لِأَنَّهُ لاَ يَعْرِفُ قَدْرَ اللَّحْمِ بِالصِّفَةِ، وَإِنَّمَا يَعْرِفُ قَدْرَهُ بِالْوَزْنِ؛ وَلِأَنَّ النَّاسَ إنَّمَا اشْتَرَوْا مِنْ كُلِّ مَا يُؤْكَلُ وَيُشْرَبُ الْجُزَافَ مِمَّا يُعَايِنُونَ فَأَمَّا مَا يُضْمَنُ فَلَيْسَ يَشْتَرُونَهُ جُزَافًا‏.‏

قال‏:‏ وَالْقِيَاسُ فِي السَّلَفِ فِي لَحْمِ الْحِيتَانِ يُوزَنُ، لاَ يَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ أَنْ يُوزَنَ عَلَيْهِ الذَّنَبُ مِنْ حَيْثُ يَكُونُ لاَ لَحْمَ فِيهِ وَيَلْزَمُهُ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ ذَنَبٍ مِمَّا عَلَيْهِ لَحْمٌ، وَلاَ يَلْزَمُهُ أَنْ يُوزَن عَلَيْهِ فِي الرَّأْسِ، وَيَلْزَمُهُ مَا بَيْنَ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ حُوتٍ كَبِيرٍ فَيُسَمِّي وَزْنًا مِنْ الْحُوتِ مِمَّا أَسْلَفَ فِيهِ مَوْضِعًا مِنْهُ لاَ يَجُوزُ أَنْ يُسَلِّفَ فِيهِ إلَّا فِي مَوْضِعٍ إذَا احْتَمَلَ مَا تَحْتَمِلُ الْغَنَمُ مِنْ أَنْ يَكُونَ يُوجَدُ فِي مَوْضِعٍ مِنْهُ مَا سَلَّفَ فِيهِ وَيَصِفُ لِمَوْضِعِ الَّذِي سَلَّفَ فِيهِ، وَإِذَا لَمْ يَحْتَمِلْ كَانَ كَمَا وَصَفْت فِي الطَّيْرِ‏.‏

الرُّءُوسُ وَالْأَكَارِعُ

قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله‏:‏ وَلاَ يَجُوزُ عِنْدِي السَّلَفُ فِي شَيْءٍ مِنْ الرُّءُوسِ مِنْ صِغَارِهَا، وَلاَ كِبَارِهَا، وَلاَ الْأَكَارِعُ؛ لِأَنَّا لاَ نُجِيزُ السَّلَفَ فِي شَيْءٍ سِوَى الْحَيَوَانِ حَتَّى نَجِدَهُ بِذَرْعٍ أَوْ كَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ فَأَمَّا عَدَدٌ مُنْفَرِدٌ فَلاَ وَذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ يَشْتَبِهُ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الصَّغِيرِ وَهُوَ مُتَبَايِنٌ وَمَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الْكَبِيرِ وَهُوَ مُتَبَايِنٌ فَإِذَا لَمْ نَجِدْ فِيهِ كَمَا حَدَّدْنَا فِي مِثْلِهِ مِنْ الْوَزْنِ وَالذَّرْعِ وَالْكَيْلِ أَجَزْنَاهُ غَيْرَ مَحْدُودٍ وَإِنَّمَا نَرَى النَّاسَ تَرَكُوا وَزْنَ الرُّءُوسِ لِمَا فِيهَا مِنْ سَقَطِهَا الَّذِي يُطْرَحُ، وَلاَ يُؤْكَلُ مِثْلُ الصُّوفِ وَالشَّعْرِ عَلَيْهِ وَمِثْلُ أَطْرَافِ مَشَافِرِهِ وَمَنَاخِرِهِ وَجُلُودِ خَدَّيْهِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا لاَ يُؤْكَلُ، وَلاَ يُعْرَفُ قَدْرُهُ مِنْهُ غَيْرَ أَنَّهُ فِيهِ غَيْرُ قَلِيلٍ فَلَوْ وَزَنُوهُ وَزَنُوا مَعَهُ غَيْرَ مَا يُؤْكَلُ مِنْ صُوفٍ وَشَعْرٍ وَغَيْرِهِ، وَلاَ يُشْبِهُ النَّوَى فِي التَّمْرِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُنْتَفَعُ بِالنَّوَى، وَلاَ الْقِشْرَ فِي الْجَوْزِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُنْتَفَعُ بِقِشْرِ الْجَوْزِ وَهَذَا لاَ يُنْتَفَعُ بِهِ فِي شَيْءٍ‏.‏

قال‏:‏ وَلَوْ تَحَامَلَ رَجُلٌ فَأَجَازَهُ لَمْ يَجُزْ عِنْدِي أَنْ يُؤْمَرَ أَحَدٌ بِأَنْ يُجِيزَهُ إلَّا مَوْزُونًا‏.‏ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ، وَلِإِجَازَتِهِ وَجْهٌ يَحْتَمِلُ بَعْضُ مَذَاهِبِ أَهْلِ الْفِقْهِ مَا هُوَ أَبْعَدُ مِنْهُ‏.‏

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ وَقَدْ وَصَفْت فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ أَنَّ الْبُيُوعَ ضَرْبَانِ‏:‏ أَحَدُهُمَا‏:‏ بَيْعُ عَيْنٍ قَائِمَةٍ فَلاَ بَأْسَ أَنْ تُبَاعَ بِنَقْدٍ وَدَيْنٍ إذَا قُبِضَتْ الْعَيْنُ أَوْ بَيْعُ شَيْءٍ مَوْصُوفٍ مَضْمُونٍ عَلَى بَائِعِهِ يَأْتِي بِهِ لاَ بُدَّ عَاجِلاً أَوْ إلَى أَجَلٍ وَهَذَا لاَ يَجُوزُ حَتَّى يَدْفَعَ الْمُشْتَرِي ثَمَنَهُ قَبْلَ أَنْ يَتَفَرَّقَ الْمُتَبَايِعَانِ وَهَذَانِ مُسْتَوِيَانِ إذَا شُرِطَ فِيهِ أَجَلٌ أَوْ ضَمَانٌ أَوْ يَكُونُ أَحَدُ الْبَيْعَيْنِ نَقْدًا وَالْآخَرُ دَيْنًا أَوْ مَضْمُونًا قَالَ وَذَلِكَ أَنِّي إذَا بِعْتُك سِلْعَةً وَدَفَعْتهَا إلَيْك وَكَانَ ثَمَنُهَا إلَى أَجَلٍ فَالسِّلْعَةُ نَقْدٌ وَالثَّمَنُ إلَى أَجَلٍ مَعْرُوفٍ‏.‏ وَإِذَا دَفَعْت إلَيْهِ مِائَةَ دِينَارٍ فِي طَعَامٍ مَوْصُوفٍ إلَى أَجَلٍ فَالْمِائَةُ نَقْدٌ وَالسِّلْعَةُ مَضْمُونَةٌ يَأْتِي بِهَا صَاحِبُهَا لاَ بُدَّ، وَلاَ خَيْرَ فِي دَيْنٍ بِدَيْنٍ وَلَوْ اشْتَرَى رَجُلٌ ثَلاَثِينَ رَطْلاً لَحْمًا بِدِينَارٍ وَدَفَعَهُ يَأْخُذُ كُلَّ يَوْمٍ رَطْلاً فَكَانَ أَوَّلُ مَحَلِّهَا حِينَ دَفَعَ وَآخِرُهُ إلَى شَهْرٍ وَكَانَتْ صَفْقَةً وَاحِدَةً كَانَتْ فَاسِدَةً وَرَدَّ مِثْلَ اللَّحْمِ الَّذِي أَخَذَ أَوْ قِيمَتَهُ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مِثْلٌ وَذَلِكَ أَنَّ هَذَا دَيْنٌ بِدَيْنٍ وَلَوْ اشْتَرَى رِطْلاً مُنْفَرِدًا وَتِسْعَةً وَعِشْرِينَ بَعْدَهُ فِي صَفْقَةٍ غَيْرِ صَفْقَتِهِ كَانَ الرِّطْلُ جَائِزًا وَالتِّسْعَةُ وَالْعِشْرُونَ مُنْتَقَضَةً وَلَيْسَ أَخْذُهُ أَوَّلَهَا إذَا لَمْ يَأْخُذْهَا فِي مَقَامٍ وَاحِدٍ بِاَلَّذِي يُخْرِجُهُ مِنْ أَنْ يَكُونَ دَيْنًا‏.‏ أَلاَ تَرَى أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنَّهُ أَنْ يَأْخُذَ رِطْلاً بَعْدَ الْأَوَّلِ إلَّا بِمُدَّةٍ تَأْتِي عَلَيْهِ‏؟‏، وَلاَ يُشْبِهُ هَذَا الرَّجُلَ يَشْتَرِي الطَّعَامَ بِدَيْنٍ وَيَأْخُذُ فِي اكْتِيَالِهِ؛ لِأَنَّ مَحِلَّهُ وَاحِدٌ وَلَهُ أَخْذُهُ كُلِّهِ فِي مَقَامِهِ إلَّا أَنَّهُ لاَ يَقْدِرُ عَلَى أَخْذِهِ إلَّا هَكَذَا لاَ أَجَلَ لَهُ، وَلَوْ جَازَ هَذَا، جَازَ أَنْ يَشْتَرِيَ بِدِينَارٍ ثَلاَثِينَ صَاعًا حِنْطَةً يَأْخُذُ كُلَّ يَوْمٍ صَاعًا‏.‏

قال‏:‏ وَهَذَا هَكَذَا فِي الرُّطَبِ وَالْفَاكِهَةِ وَغَيْرِهَا كُلُّ شَيْءٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ قَبْضُهُ سَاعَةَ يَتَبَايَعَانِهِ مَعًا وَلَمْ يَكُنْ لِبَائِعِهِ دَفْعُهُ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ حِينَ يَشْرَعُ فِي قَبْضِهِ كُلِّهِ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَ دَيْنًا‏.‏

قال‏:‏ وَلَوْ جَازَ هَذَا فِي اللَّحْمِ جَازَ فِي كُلِّ شَيْءٍ مِنْ ثِيَابٍ وَطَعَامٍ وَغَيْرِهِ‏.‏

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ وَلَوْ قَالَ قَائِلٌ هَذَا فِي اللَّحْمِ جَائِزٌ وَقَالَ هَذَا مِثْلُ الدَّارِ يَتَكَارَاهَا الرَّجُلُ إلَى أَجَلٍ فَيَجِبُ عَلَيْهِ مِنْ كِرَائِهَا بِقَدْرِ مَا سَكَنَ‏.‏

قال‏:‏ وَهَذَا فِي الدَّارِ وَلَيْسَ كَمَا قَالَ، وَلَوْ كَانَ كَمَا قَالَ أَنْ يَقِيسَ اللَّحْمَ بِالطَّعَامِ أَوْلَى بِهِ مِنْ أَنْ يَقِيسَهُ بِالسَّكَنِ لِبُعْدِ السَّكَنِ مِنْ الطَّعَامِ فِي الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ فَإِنْ قَالَ‏:‏ فَمَا فَرْقُ بَيْنِهِمَا فِي الْفَرْعِ‏؟‏ قِيلَ أَرَأَيْتُك إذَا أَكْرَيْتُك دَارًا شَهْرًا وَدَفَعْتهَا إلَيْك فَلَمْ تَسْكُنْهَا أَيَجِبُ عَلَيْك الْكِرَاءُ‏؟‏ قَالَ نَعَمْ قُلْت وَدَفَعْتهَا إلَيْك طَرْفَةَ عَيْنٍ إذَا مَرَّتْ الْمُدَّةُ الَّتِي اكْتَرَيْتهَا إلَيْهَا أَيَجِبُ عَلَيْك كِرَاؤُهَا‏؟‏ قَالَ نَعَمْ قُلْت أَفَرَأَيْت إذَا بِعْتُك ثَلاَثِينَ رِطْلاً لَحْمًا إلَى أَجَلٍ وَدَفَعْت إلَيْك رِطْلاً ثُمَّ مَرَّتْ ثَلاَثُونَ يَوْمًا وَلَمْ تَقْبِضْ غَيْرَ الرِّطْلِ الْأَوَّلِ أَبْرَأُ مِنْ ثَلاَثِينَ رِطْلاً كَمَا بَرِئْت مِنْ سَكَنِ ثَلاَثِينَ يَوْمًا‏؟‏ فَإِنْ قَالَ لاَ قِيلَ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ فِي كُلِّ يَوْمٍ إلَى أَنْ يَبْرَأَ مِنْ رِطْلِ لَحْمٍ يَدْفَعُهُ إلَيْك لاَ يُبْرِئُهُ مَا قَبْلَهُ وَلاَ الْمُدَّةُ مِنْهُ إلَّا بِدَفْعِهِ قَالَ نَعَمْ وَيُقَالُ لَهُ‏:‏ لَيْسَ هَكَذَا الدَّارُ فَإِذَا قَالَ لاَ قِيلَ أَفَمَا تَرَاهُمَا مُفْتَرِقَيْنِ فِي الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ وَالِاسْمِ‏؟‏ فَكَيْفَ تَرَكْت أَنْ تَقِيسَ اللَّحْمَ بِالْمَأْكُولِ الَّذِي هُوَ فِي مِثْلِ مَعْنَاهُ مِنْ الرِّبَا وَالْوَزْنِ وَالْكَيْلِ وَقِسْته بِمَا لاَ يُشْبِهُهُ‏؟‏ أَوْ رَأَيْت إذَا أَكْرَيْتُك تِلْكَ الدَّارَ بِعَيْنِهَا فَانْهَدَمَتْ أَيَلْزَمُنِي أَنْ أُعْطِيَك دَارًا بِصِفَتِهَا‏؟‏ فَإِنْ قَالَ لاَ‏:‏ قِيلَ فَإِذَا بَاعَك لَحْمًا بِصِفَةٍ وَلَهُ مَاشِيَةٌ فَمَاتَتْ مَاشِيَتُهُ أَيَلْزَمُهُ أَنْ يُعْطِيَك لَحْمًا بِالصِّفَةِ‏؟‏ فَإِذَا قَالَ نَعَمْ قِيلَ أَفْتَرَاهُمَا مُفْتَرِقَيْنِ فِي كُلِّ أَمْرِهِمَا‏؟‏ فَكَيْفَ تَقِيسُ أَحَدَهُمَا بِالْآخَرِ‏؟‏ وَإِذَا أَسْلَفَ مِنْ مَوْضِعٍ فِي اللَّحْمِ الْمَاعِزَ بِعَيْنِهِ بِوَزْنٍ أُعْطِيَ مِنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ مِنْ شَاةٍ وَاحِدَةٍ فَإِنْ عَجَزَ ذَلِكَ الْمَوْضِعُ عَنْ مَبْلَغِ صِفَةِ السَّلَمِ أَعْطَاهُ مِنْ شَاةٍ غَيْرِهَا مِثْلِ صِفَتِهَا وَلَوْ أَسْلَفَهُ فِي طَعَامِ غَيْرِهِ فَأَعْطَاهُ بَعْضَ طَعَامِهِ أَجْوَدَ مِنْ شَرْطِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَيْهِ أَنْ يُعْطِيَهُ مَا بَقِيَ مِنْهُ أَجْوَدَ مِنْ شَرْطِهِ إذَا أَوْفَاهُ شَرْطَهُ وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَكْثَرُ مِنْهُ‏.‏

باب السَّلَفِ فِي الْعِطْرِ وَزْنًا

قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله‏:‏ وَكُلُّ مَا لاَ يَنْقَطِعُ مِنْ أَيْدِي النَّاسِ مِنْ الْعِطْرِ وَكَانَتْ لَهُ صِفَةٌ يُعْرَفُ بِهَا وَوَزْنٌ جَازَ السَّلَفُ فِيهِ فَإِذَا كَانَ الِاسْمُ مِنْهُ يَجْمَعُ أَشْيَاءَ مُخْتَلِفَةَ الْجَوْدَةِ لَمْ يَجُزْ حَتَّى يُسَمِّيَ مَا أَسْلَفَ فِيهِ مِنْهَا كَمَا يَجْمَعُ التَّمْرَ اسْمُ التَّمْرِ وَيُفَرَّقُ بِهَا أَسْمَاءٌ تَتَبَايَنُ فَلاَ يَجُوزُ السَّلَفُ فِيهَا إلَّا بِأَنْ يُسَمِّيَ الصِّنْفَ الَّذِي أَسْلَمَ فِيهِ وَيُسَمِّيَ جَيِّدًا مِنْهُ وَرَدِيئًا فَعَلَى هَذَا أَصْلُ السَّلَفِ فِي الْعِطْرِ وَقِيَاسُهُ فَالْعَنْبَرُ مِنْهُ الْأَشْهَبُ وَالْأَخْضَرُ وَالْأَبْيَضُ وَغَيْرُهُ‏.‏ وَلاَ يَجُوزُ السَّلَفُ فِيهِ حَتَّى يُسَمَّى أَشْهَبَ أَوْ أَخْضَرَ جَيِّدًا وَرَدِيئًا وَقِطَعًا صِحَاحًا وَزْنَ كَذَا، وَإِنْ كُنْت تُرِيدُهُ أَبْيَضَ سَمَّيْت أَبْيَضَ، وَإِنْ كُنْت تُرِيدُهُ قِطْعَةً وَاحِدَةً سَمَّيْته قِطْعَةً وَاحِدَةً، وَإِنْ لَمْ تُسَمِّ هَكَذَا أَوْ سَمَّيْت قِطَعًا صِحَاحًا لَمْ يَكُنْ لَك ذَلِكَ مُفَتَّتًا وَذَلِكَ أَنَّهُ مُتَبَايِنٌ فِي الثَّمَنِ وَيَخْرُجُ مِنْ أَنْ يَكُونَ بِالصِّفَةِ الَّتِي سُلِّفَ، وَإِنْ سَمَّيْت عَنْبَرًا وَوَصَفْت لَوْنَهُ وَجَوْدَتَهُ كَانَ لَك عَنْبَرٌ فِي ذَلِكَ اللَّوْنِ وَالْجَوْدَةِ صِغَارًا أَعْطَاهُ أَوْ كِبَارًا، وَإِنْ كَانَ فِي الْعَنْبَرِ شَيْءٌ مُخْتَلِفٌ بِالْبُلْدَانِ وَيُعْرَفُ بِبُلْدَانِهِ أَنَّهُ لَمْ يَجُزْ حَتَّى يُسَمَّى عَنْبَرَ بَلَدِ كَذَا كَمَا لاَ يَجُوزُ فِي الثِّيَابِ حَتَّى يَقُولَ مَرْوِيًّا أَوْ هَرَوِيًّا‏.‏

قال‏:‏ وَقَدْ زَعَمَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْمِسْكِ أَنَّهُ سُرَّةُ دَابَّةٍ كَالظَّبْيِ تُلْقِيهِ فِي وَقْتٍ مِنْ الْأَوْقَاتِ وَكَأَنَّهُ ذَهَبَ إلَى أَنَّهُ دَمٌ يُجْمَعُ فَكَأَنَّهُ يَذْهَبُ إلَى أَنْ لاَ يَحِلَّ التَّطَيُّبُ بِهِ لِمَا وَصَفْت‏.‏

قال‏:‏ كَيْفَ جَازَ لَك أَنْ تُجِيزَ التَّطَيُّبَ بِشَيْءٍ وَقَدْ أَخْبَرَك أَهْلُ الْعِلْمِ أَنَّهُ أُلْقِيَ مِنْ حَيٍّ وَمَا أُلْقِيَ مِنْ حَيٍّ كَانَ عِنْدَك فِي مَعْنَى الْمَيْتَةِ فَلِمَ تَأْكُلُهُ‏؟‏

قال‏:‏ فَقُلْت لَهُ قُلْت بِهِ خَبَرًا وَإِجْمَاعًا وَقِيَاسًا قَالَ فَاذْكُرْ فِيهِ الْقِيَاسَ قُلْت الْخَبَرُ أَوْلَى بِك قَالَ سَأَسْأَلُك عَنْهُ فَاذْكُرْ فِيهِ الْقِيَاسَ قُلْت قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى‏:‏ ‏{‏وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ‏}‏ فَأَحَلَّ شَيْئًا يَخْرُجُ مِنْ حَيٍّ إذَا كَانَ مِنْ حَيٍّ يَجْمَعُ مَعْنَيَيْ الطِّيبِ، وَأَنْ لَيْسَ بِعُضْوٍ مِنْهُ يَنْقُصُهُ خُرُوجُهُ مِنْهُ حَتَّى لاَ يَعُودَ مَكَانَهُ مِثْلُهُ وَحُرِّمَ الدَّمُ مِنْ مَذْبُوحٍ وَحَيٍّ فَلَمْ يَحِلَّ لِأَحَدٍ أَنْ يَأْكُلَ دَمًا مَسْفُوحًا مِنْ ذَبْحٍ أَوْ غَيْرِهِ فَلَوْ كُنَّا حَرَّمْنَا الدَّمَ؛ لِأَنَّهُ يَخْرُجُ مِنْ حَيٍّ أَحْلَلْنَاهُ مِنْ الْمَذْبُوحِ وَلَكِنَّا حَرَّمْنَاهُ لِنَجَاسَتِهِ وَنَصِّ الْكِتَابِ بِهِ مِثْلُ الْبَوْلِ وَالرَّجِيعِ مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الطَّيِّبَاتِ قِيَاسًا عَلَى مَا وَجَبَ غَسْلُهُ مِمَّا يَخْرُجُ مِنْ الْحَيِّ مِنْ الدَّمِ وَكَانَ فِي الْبَوْلِ وَالرَّجِيعِ يَدْخُلُ بِهِ طَيِّبًا وَيَخْرُجُ خَبِيثًا وَوَجَدْت الْوَلَدَ يَخْرُجُ مِنْ حَيٍّ حَلاَلاً وَوَجَدْت الْبَيْضَةَ تَخْرُجُ مِنْ بَائِضَتِهَا حَيَّةً فَتَكُونُ حَلاَلاً بِأَنَّ هَذَا مِنْ الطَّيِّبَاتِ‏.‏ فَكَيْفَ أَنْكَرْت فِي الْمِسْكِ الَّذِي هُوَ غَايَةٌ مِنْ الطَّيِّبَاتِ، إذَا خَرَجَ مِنْ حَيٍّ أَنْ يَكُونَ حَلاَلاً‏؟‏ وَذَهَبْت إلَى أَنْ تُشَبِّهَهُ بِعُضْوٍ قُطِعَ مِنْ حَيٍّ وَالْعُضْوُ الَّذِي قُطِعَ مِنْ حَيٍّ لاَ يَعُودُ فِيهِ أَبَدًا وَيُبَيِّنُ فِيهِ نَقْصًا وَهَذَا يَعُودُ زَعَمْت بِحَالِهِ قَبْلَ أَنْ يَسْقُطَ مِنْهُ أَفَهُوَ بِاللَّبَنِ وَالْبَيْضَةِ وَالْوَلَدِ أَشْبَهُ أَمْ هُوَ بِالدَّمِ وَالْبَوْلِ وَالرَّجِيعِ أَشْبَهُ‏؟‏ فَقَالَ بَلْ بِاللَّبَنِ وَالْبَيْضَةِ وَالْوَلَدِ أَشْبَهُ إذَا كَانَتْ تَعُودُ بِحَالِهَا أَشْبَهَ مِنْهُ بِالْعُضْوِ يُقْطَعُ مِنْهَا، وَإِنْ كَانَ أَطْيَبَ مِنْ اللَّبَنِ وَالْبَيْضَةِ وَالْوَلَدِ يَحِلُّ وَمَا دُونَهُ فِي الطَّيِّبِ مِنْ اللَّبَنِ وَالْبَيْضِ يَحِلُّ؛ لِأَنَّهُ طَيِّبٌ كَانَ هُوَ أَحَلُّ؛ لِأَنَّهُ أَعْلَى فِي الطَّيِّبِ، وَلاَ يُشْبِهُ الرَّجِيعُ الْخَبِيثَ‏.‏

قال‏:‏ فَمَا الْخَبَرُ‏؟‏ قُلْت‏.‏

أَخْبَرَنَا الزَّنْجِيُّ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَهْدَى لِلنَّجَاشِيِّ أَوَاقِيَ مِسْكٍ فَقَالَ لِأُمِّ سَلَمَةَ إنِّي قَدْ أَهْدَيْت لِلنَّجَاشِيِّ أَوَاقِيَ مِسْكٍ، وَلاَ أَرَاهُ إلَّا قَدْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إلَيْهِ فَإِنْ جَاءَتْنَا وَهَبْت لَك كَذَا فَجَاءَتْهُ فَوَهَبَ لَهَا وَلِغَيْرِهَا مِنْهُ‏.‏

قال‏:‏ وَسُئِلَ ابْنُ عُمَرَ عَنْ الْمِسْكِ أَحَنُوطٌ هُوَ‏؟‏ فَقَالَ أَوَلَيْسَ مِنْ أَطْيَبِ طِيبِكُمْ‏؟‏ وَتَطَيَّبَ سَعْدٌ بِالْمِسْكِ وَالذَّرِيرَةِ وَفِيهِ الْمِسْكُ وَابْنُ عَبَّاسٍ بِالْغَالِيَةِ قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ وَفِيهَا الْمِسْكُ وَلَمْ أَرَ النَّاسَ عِنْدَنَا اخْتَلَفُوا فِي إبَاحَتِهِ‏.‏

قال‏:‏ فَقَالَ لِي قَائِلٌ خُبِّرْت أَنَّ الْعَنْبَرَ شَيْءٌ يَنْبِذُهُ حُوتٌ مِنْ جَوْفِهِ فَكَيْفَ أَحْلَلْت ثَمَنَهُ‏؟‏ قُلْت أَخْبَرَنِي عَدَدٌ مِمَّنْ أَثِقُ بِهِ أَنَّ الْعَنْبَرَ نَبَاتٌ يَخْلُقُهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي حِشَافٍ فِي الْبَحْرِ فَقَالَ لِي مِنْهُمْ نَفَرٌ حَجَبَتْنَا الرِّيحُ إلَى جَزِيرَةٍ فَأَقَمْنَا بِهَا وَنَحْنُ نَنْظُرُ مِنْ فَوْقِهَا إلَى حَشَفَةٍ؛ خَارِجَةٍ مِنْ الْمَاءِ مِنْهَا عَلَيْهَا عَنْبَرَةٌ أَصْلُهَا مُسْتَطِيلٌ كَعُنُقِ الشَّاةِ وَالْعَنْبَرَةُ مَمْدُودَةٌ فِي فَرْعِهَا ثُمَّ كُنَّا نَتَعَاهَدُهَا فَنَرَاهَا تَعْظُمُ فَأَخَّرْنَا أَخْذَهَا رَجَاءَ أَنْ تَزِيدَ عِظَمًا فَهَبَّتْ رِيحٌ فَحَرَّكَتْ الْبَحْرَ فَقَطَعَتْهَا فَخَرَجَتْ مَعَ الْمَوْجِ وَلَمْ يَخْتَلِفْ عَلَى أَهْلِ الْعِلْمِ بِأَنَّهُ كَمَا وَصَفُوا وَإِنَّمَا غَلِطَ مَنْ قَالَ‏:‏ إنَّهُ يَجِدُهُ حُوتٌ أَوْ طَيْرٌ فَيَأْكُلُهُ لِلِينِهِ وَطِيبِ رِيحِهِ وَقَدْ زَعَمَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّهُ لاَ تَأْكُلُهُ دَابَّةٌ إلَّا قَتَلَهَا فَيَمُوتُ الْحُوتُ الَّذِي يَأْكُلُهُ فَيَنْبِذُهُ الْبَحْرُ فَيُؤْخَذُ فَيُشَقُّ بَطْنُهُ فَيُسْتَخْرَجُ مِنْهُ‏.‏ قَالَ فَمَا تَقُولُ فِيمَا اُسْتُخْرِجَ مِنْ بَطْنِهِ‏؟‏ قُلْت يُغْسَلُ عَنْهُ شَيْءٌ أَصَابَهُ مِنْ أَذَاهُ وَيَكُونُ حَلاَلاً أَنْ يُبَاعَ وَيُتَطَيَّبَ بِهِ مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ مُسْتَجْسَدٌ غَلِيظٌ غَيْرُ مُنَفِّرٍ لاَ يُخَالِطُهُ شَيْءٌ أَصَابَهُ فَيَذْهَبُ فِيهِ كُلِّهِ إنَّمَا يُصِيبُ مَا ظَهَرَ مِنْهُ كَمَا يُصِيبُ مَا ظَهَرَ مِنْ الْجِلْدِ فَيُغْسَلُ فَيَطْهُرُ وَيُصِيبُ الشَّيْءَ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالنُّحَاسِ وَالرَّصَاصِ وَالْحَدِيدِ فَيُغْسَلُ فَيَطْهُرُ وَالْأَدِيمُ‏.‏

قال‏:‏ فَهَلْ فِي الْعَنْبَرِ خَبَرٌ‏؟‏ قُلْت لاَ أَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ خَالَفَ فِي أَنَّهُ لاَ بَأْسَ بِبَيْعِ الْعَنْبَرِ، وَلاَ أَحَدَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْعَنْبَرِ قَالَ فِي الْعَنْبَرِ إلَّا مَا قُلْت لَك مِنْ أَنَّهُ نَبَاتٌ وَالنَّبَاتُ لاَ يَحْرُمُ مِنْهُ شَيْءٌ‏.‏

قال‏:‏ فَهَلْ فِيهِ أَثَرٌ‏؟‏ قُلْت نَعَمْ‏.‏

أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ‏:‏ قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ‏.‏ عَنْ ابْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ سُئِلَ عَنْ الْعَنْبَرِ فَقَالَ إنْ كَانَ فِيهِ شَيْءٌ فَفِيهِ الْخُمُسُ‏.‏

أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ‏:‏ قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ أُذَيْنَةَ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ لَيْسَ فِي الْعَنْبَرِ زَكَاةٌ إنَّمَا هُوَ شَيْءٌ دَسَرَهُ الْبَحْرُ‏.‏

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ وَلاَ يَجُوزُ بَيْعُ الْمِسْكِ وَزْنًا فِي فَارَةٍ؛ لِأَنَّ الْمِسْكَ مَغِيبٌ، وَلاَ يُدْرَى كَمْ وَزْنُهُ مِنْ وَزْنِ جُلُودِهِ وَالْعُودُ يَتَفَاضَلُ تَفَاضُلاً كَثِيرًا فَلاَ يَجُوزُ حَتَّى يُوصَفَ كُلُّ صِنْفٍ مِنْهُ وَبَلَدُهُ وَسَمْتُهُ الَّذِي يُمَيِّزُهُ بِهِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ كَمَا لاَ يَجُوزُ فِي الثِّيَابِ إلَّا مَا وَصَفْت مِنْ تَسْمِيَةِ أَجْنَاسِهِ وَهُوَ أَشَدُّ تَبَايُنًا مِنْ التَّمْرِ وَرُبَّمَا رَأَيْت الْمَنَا مِنَّةً بِمِائَتَيْ دِينَارٍ وَالْمَنَا مِنْ صِنْفٍ غَيْرِهِ بِخَمْسَةِ دَنَانِيرَ وَكِلاَهُمَا يُنْسَبُ إلَى الْجَوْدَةِ مِنْ صِنْفِهِ وَهَكَذَا الْقَوْلُ فِي كُلِّ مَتَاعِ الْعَطَّارِينَ مِمَّا يَتَبَايَنُ مِنْهُ بِبَلَدٍ أَوْ لَوْنٍ أَوْ عِظَمٍ لَمْ يَجُزْ السَّلَفُ فِيهِ حَتَّى يُسَمَّى ذَلِكَ وَمَا لاَ يَتَبَايَنُ بِشَيْءٍ مِنْ هَذَا وُصِفَ بِالْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ وَجِمَاعِ الِاسْمِ وَالْوَزْنِ‏.‏ وَلاَ يَجُوزُ السَّلَفُ فِي شَيْءٍ مِنْهُ يَخْلِطُهُ عَنْبَرًا لاَ خَلِيًّا مِنْ الْعَنْبَرِ أَوْ الْغِشِّ، الشَّكُّ مِنْ الرَّبِيعِ فَإِنْ شَرَطَ شَيْئًا بِتُرَابِهِ أَوْ شَيْئًا بِقُشُورِهِ وَزْنًا إنْ كَانَتْ قُشُورُهُ لَيْسَتْ مِمَّا تَنْفَعُهُ أَوْ شَيْئًا يَخْتَلِطُ بِهِ غَيْرُهُ مِنْهُ لاَ يُعْرَفُ قَدْرُ هَذَا مِنْ قَدْرِ هَذَا لَمْ يَجُزْ السَّلَفُ فِيهِ‏.‏

قال‏:‏ وَفِي الْفَأْرِ إنْ كَانَ مِنْ صَيْدِ الْبَحْرِ مِمَّا يَعِيشُ فِي الْبَحْرِ فَلاَ بَأْسَ بِهَا، وَإِنْ كَانَتْ تَعِيشُ فِي الْبَرِّ وَكَانَتْ فَأْرًا لَمْ يَجُزْ بَيْعُهَا وَشِرَاؤُهَا إذَا لَمْ تُدْبَغْ، وَإِنْ دُبِغَتْ فَالدِّبَاغُ لَهَا طَهُورٌ فَلاَ بَأْسَ بِبَيْعِهَا وَشِرَائِهَا وَقَالَ فِي كُلِّ جِلْدٍ عَلَى عِطْرٍ وَكُلِّ مَا خَفِيَ عَلَيْهِ مِنْ عِطْرِ وَدَوَاءِ الصَّيَادِلَةِ وَغَيْرِهِ مِثْلُ هَذَا الْقَوْلِ إلَّا أَنَّهُ لاَ يَحِلُّ بَيْعُ جِلْدٍ مِنْ كَلْبٍ، وَلاَ خِنْزِيرٍ، وَإِنْ دُبِغَ، وَلاَ غَيْرَ مَدْبُوغٍ، وَلاَ شَيْءَ مِنْهُمَا، وَلاَ مِنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا‏.‏

باب مَتَاعِ الصَّيَادِلَةِ

قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله‏:‏ وَمَتَاعُ الصَّيَادِلَةِ كُلُّهُ مِنْ الْأَدْوِيَةِ كَمَتَاعِ الْعَطَّارِينَ‏:‏ لاَ يَخْتَلِفُ فَمَا يَتَبَايَنُ بِجِنْسٍ أَوْ لَوْنٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ يُسَمَّى ذَلِكَ الْجِنْسُ وَمَا يَتَبَايَنُ وَيُسَمَّى وَزْنًا وَجَدِيدًا وَعَتِيقًا فَإِنَّهُ إذَا تَغَيَّرَ لَمْ يَعْمَلْ عَمَلَهُ جَدِيدًا وَمَا اخْتَلَطَ مِنْهُ بِغَيْرِهِ لَمْ يَجُزْ كَمَا قُلْت فِي مَتَاعِ الْعَطَّارِينَ، وَلاَ يَجُوزُ أَنْ يُسَلَّفَ فِي شَيْءٍ مِنْهُ إلَّا وَحْدَهُ أَوْ مَعَهُ غَيْرُهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَعْرُوفُ الْوَزْنِ وَيَأْخُذُهُمَا مُتَمَيِّزَيْنِ فَأَمَّا أَنْ يُسَلَّفَ مِنْهُ فِي صِنْفَيْنِ مَخْلُوطَيْنِ أَوْ أَصْنَافٍ مِثْلُ الْأَدْوِيَةِ الْمُحَبَّبَةِ أَوْ الْمَجْمُوعَةِ بَعْضُهَا إلَى بَعْضٍ بِغَيْرِ عَجْنٍ، وَلاَ تَحْبِيبٍ فَلاَ يَجُوزُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لاَ يُوقَفُ عَلَى حَدِّهِ، وَلاَ يُعْرَفُ وَزْنُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُ، وَلاَ جَوْدَتُهُ، وَلاَ رَدَاءَتُهُ إذَا اخْتَلَطَ‏.‏

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ وَمَا يُوزَنُ مِمَّا لاَ يُؤْكَلُ، وَلاَ يُشْرَبُ إذَا كَانَ هَكَذَا قِيَاسًا عَلَى مَا وَصَفْت لاَ يَخْتَلِفُ، وَإِذَا اخْتَلَفَ سُمِّيَ أَجْنَاسُهُ، وَإِذَا اخْتَلَفَ فِي أَلْوَانِهِ سُمِّيَ أَلْوَانُهُ، وَإِذَا تَقَارَبَ سُمِّيَ وَزْنُهُ فَعَلَى هَذَا، هَذَا الْبَابُ وَقِيَاسُهُ‏.‏

قال‏:‏ وَمَا خَفِيَتْ مَعْرِفَتُهُ مِنْ مَتَاعِ الصَّيَادِلَةِ وَغَيْرِهِ مِمَّا لاَ يَخْلُصُ مِنْ الْجِنْسِ الَّذِي يُخَالِفُهُ وَمَا لَمْ يَكُنْ مِنْهَا إذَا رُئِيَ عَمَّتْ مَعْرِفَتُهُ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ الْعُدُولِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ لَمْ يَجُزْ السَّلَفُ فِيهِ وَلَوْ كَانَتْ مَعْرِفَتُهُ عَامَّةً عِنْدَ الْأَطِبَّاءِ غَيْرِ الْمُسْلِمِينَ وَالصَّيَادِلَةِ غَيْرِ الْمُسْلِمِينَ أَوْ عَبِيدِ الْمُسْلِمِينَ أَوْ غَيْرِ عُدُولٍ لَمْ أُجِزْ السَّلَفَ فِيهِ وَإِنَّمَا أُجِيزُهُ فِيمَا أَجِدُ مَعْرِفَتَهُ عَامَّةً عِنْدَ عُدُولٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِهِ وَأَقَلُّ ذَلِكَ أَنْ أَجِدَ عَلَيْهِ عَدْلَيْنِ يَشْهَدَانِ عَلَى تَمْيِيزِهِ وَمَا كَانَ مِنْ مَتَاعِ الصَّيَادِلَةِ مِنْ شَيْءٍ مُحَرَّمٍ‏:‏ لَمْ يَحِلَّ بَيْعُهُ، وَلاَ شِرَاؤُهُ وَمَا لَمْ يَحِلَّ شِرَاؤُهُ لَمْ يَجُزْ السَّلَفُ فِيهِ؛ لِأَنَّ السَّلَفَ بَيْعٌ مِنْ الْبُيُوعِ، وَلاَ يَحِلُّ أَكْلُهُ، وَلاَ شُرْبُهُ وَمَا كَانَ مِنْهَا مِثْلُ الشَّجَرِ الَّذِي لَيْسَ فِيهِ تَحْرِيمٌ إلَّا مِنْ جِهَةِ أَنْ يَكُونَ مُضِرًّا فَكَانَ سُمًّا لَمْ يَحِلَّ شِرَاءُ السُّمِّ لِيُؤْكَلَ، وَلاَ يُشْرَبْ فَإِنْ كَانَ يُعَالَجُ بِهِ مِنْ ظَاهِرِ شَيْءٍ لاَ يَصِلُ إلَى جَوْفٍ وَيَكُونُ إذَا كَانَ طَاهِرًا مَأْمُونًا لاَ ضَرَرَ فِيهِ عَلَى أَحَدٍ مَوْجُودِ الْمَنْفَعَةِ فِي دَاءٍ فَلاَ بَأْسَ بِشِرَائِهِ، وَلاَ خَيْرَ فِي شِرَاءِ شَيْءٍ يُخَالِطُهُ لُحُومُ الْحَيَّاتِ التِّرْيَاقُ وَغَيْرُهُ؛ لِأَنَّ الْحَيَّاتِ مُحَرَّمَاتٌ؛ لِأَنَّهُنَّ مِنْ غَيْرِ الطَّيِّبَاتِ؛ وَلِأَنَّهُ مُخَالِطُهُ مَيْتَةٌ، وَلاَ لَبَنُ مَا لاَ يُؤْكَلُ لَحْمُهُ مِنْ غَيْرِ الْآدَمِيِّينَ، وَلاَ بَوْلُ مَا لاَ يُؤْكَلُ لَحْمُهُ، وَلاَ غَيْرُهُ وَالْأَبْوَالُ كُلُّهَا نَجِسَةٌ لاَ تَحِلُّ إلَّا فِي ضَرُورَةٍ فَعَلَى مَا وَصَفْت هَذَا الْبَابُ كُلُّهُ وَقِيَاسُهُ‏.‏

قال‏:‏ وَجِمَاعُ مَا يُحَرَّمُ أَكْلُهُ فِي ذَوَاتِ الْأَرْوَاحِ خَاصَّةً إلَّا مَا حُرِّمَ مِنْ الْمُسْكِرِ، وَلاَ فِي شَيْءٍ مِنْ الْأَرْضِ وَالنَّبَاتِ حَرَامٌ إلَّا مِنْ جِهَةِ أَنْ يَضُرَّ كَالسُّمِّ وَمَا أَشْبَهَهُ فَمَا دَخَلَ فِي الدَّوَاءِ مِنْ ذَوَاتِ الْأَرْوَاحِ فَكَانَ مُحَرَّمَ الْمَأْكُولِ فَلاَ يَحِلُّ وَمَا لَمْ يَكُنْ مُحَرَّمَ الْمَأْكُولِ فَلاَ بَأْسَ‏.‏

باب السَّلَفِ فِي اللُّؤْلُؤِ وَغَيْرِهِ مِنْ مَتَاعِ أَصْحَابِ الْجَوْهَرِ

قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله‏:‏ وَلاَ يَجُوزُ عِنْدِي السَّلَفُ فِي اللُّؤْلُؤِ، وَلاَ فِي الزَّبَرْجَدِ، وَلاَ فِي الْيَاقُوتِ، وَلاَ فِي شَيْءٍ مِنْ الْحِجَارَةِ الَّتِي تَكُونُ حُلِيًّا مِنْ قِبَلِ أَنِّي لَوْ قُلْت سَلَّفْت فِي لُؤْلُؤَةٍ مُدَحْرَجَةٍ صَافِيَةٍ وَزْنُهَا كَذَا وَكَذَا وَصِفَتُهَا مُسْتَطِيلَةٌ وَوَزْنُهَا كَذَا كَانَ الْوَزْنُ فِي اللُّؤْلُؤَةِ مَعَ هَذِهِ الصِّفَةِ تَسْتَوِي صِفَاتُهُ وَتَتَبَايَنُ؛ لِأَنَّ مِنْهُ مَا يَكُونُ أَثْقَلَ مِنْ غَيْرِهِ فَيَتَفَاضَلُ بِالثِّقَلِ وَالْجَوْدَةِ وَكَذَلِكَ الْيَاقُوتُ وَغَيْرُهُ فَإِذَا كَانَ هَكَذَا فِيمَا يُوزَنُ كَانَ اخْتِلاَفُهُ لَوْ لَمْ يُوزَنْ فِي اسْمِ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ أَشَدَّ اخْتِلاَفًا وَلَوْ لَمْ أُفْسِدْهُ مِنْ قَبْلُ لِلصَّفَاءِ، وَإِنْ تَبَايَنَ وَأَعْطَيْته أَقَلَّ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الصَّفَاءِ أُفْسِدَ مِنْ حَيْثُ وَصَفْت؛ لِأَنَّ بَعْضَهُ أَثْقَلُ مِنْ بَعْضٍ فَتَكُونُ الثَّقِيلَةُ الْوَزْنِ بَيِّنًا وَهِيَ صَغِيرَةٌ وَأُخْرَى أَخَفُّ مِنْهَا وَزْنًا بِمِثْلِ وَزْنِهَا وَهِيَ كَبِيرَةٌ فَيَتَبَايَنَانِ فِي الثَّمَنِ تَبَايُنًا مُتَفَاوِتًا، وَلاَ أَضْبِطُ أَنْ أَصِفَهَا بِالْعِظَمِ أَبَدًا إذَا لَمْ تُوزَنْ؛ لِأَنَّ اسْمَ الْعِظَمِ لاَ يَضْبِطُ إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ وَزْنٌ فَلَمَّا تَبَايَنَ اخْتِلاَفُهُمَا بِالْوَزْنِ كَانَ اخْتِلاَفُهُمَا غَيْرُ مَوْزُونَيْنِ أَشَدَّ تَبَايُنًا‏.‏ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ‏.‏

باب السَّلَفِ فِي التِّبْرِ غَيْرِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ

قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله‏:‏ وَلاَ بَأْسَ أَنْ يُسَلِّفَ ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً أَوْ عَرَضًا مِنْ الْعُرُوضِ مَا كَانَ فِي تِبْرِ نُحَاسٍ أَوْ حَدِيدٍ أَوْ آنُكَ بِوَزْنٍ مَعْلُومٍ وَصِفَةٍ مَعْلُومَةٍ وَالْقَوْلُ فِيهِ كُلِّهِ كَالْقَوْلِ فِيمَا وَصَفْت مِنْ الْإِسْلاَفِ فِيهِ إنْ كَانَ فِي الْجِنْسِ مِنْهُ شَيْءٌ يَتَبَايَنُ فِي أَلْوَانِهِ فَيَكُونُ صِنْفٌ أَبْيَضُ وَآخَرُ أَحْمَرُ وَصَفَ اللَّوْنَ الَّذِي سَلَّفَ فِيهِ وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ يَتَبَايَنُ فِي اللَّوْنِ فِي أَجْنَاسِهِ وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ يَتَبَايَنُ فِي لِينِهِ وَقَسْوَتِهِ وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ يَتَبَايَنُ فِي خَلاَصِهِ وَغَيْرِ خَلاَصِهِ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَتْرُكَ مِنْ هَذِهِ الصِّفَةِ شَيْئًا إلَّا وَصَفَهُ فَإِنْ تَرَكَ مِنْهُ شَيْئًا وَاحِدًا فَسَدَ السَّلَفُ وَكَذَلِكَ إنْ تَرَكَ أَنْ يَقُولَ جَيِّدًا أَوْ رَدِيئًا فَسَدَ السَّلَفُ وَهَكَذَا، هَذَا فِي الْحَدِيدِ وَالرَّصَاصِ وَالْآنُكِ وَالزَّاوُوقِ فَإِنَّ الزَّاوُوقَ يَخْتَلِفُ مَعَ هَذَا فِي رِقَّتِهِ وَثَخَانَتِهِ يُوصَفُ ذَلِكَ وَكُلُّ صِنْفٍ مِنْهُ اخْتَلَفَ فِي شَيْءٍ فِي غَيْرِهِ وُصِفَ حَيْثُ يَخْتَلِفُ كَمَا قُلْنَا فِي الْأَمْرِ الْأَوَّلِ وَهَكَذَا هَذَا فِي الزِّرْنِيخِ وَغَيْرِهِ وَجَمِيعِ مَا يُوزَنُ مِمَّا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الصِّنْفِ مِنْ الشَّبِّ وَالْكِبْرِيتِ وَحِجَارَةِ الْأَكْحَالِ وَغَيْرِهَا الْقَوْلُ فِيهَا قَوْلٌ وَاحِدٌ كَالْقَوْلِ فِي السَّلَفِ فِيمَا قَبْلَهَا وَبَعْدَهَا‏.‏

باب السَّلَفِ فِي صَمْغِ الشَّجَرِ

قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله‏:‏ وَهَكَذَا السَّلَفُ فِي اللُّبَانِ وَالْمُصْطَكَى وَالْغِرَاءِ وَصَمْغِ الشَّجَرِ كُلِّهِ مَا كَانَ مِنْهُ مِنْ شَجَرَةٍ وَاحِدَةٍ كَاللُّبَانِ وُصِفَ بِالْبَيَاضِ وَأَنَّهُ غَيْرُ ذَكَرٍ فَإِنْ كَانَ مِنْهُ شَيْءٌ يَعْرِفُهُ أَهْلُ الْعِلْمِ بِهِ يَقُولُونَ لَهُ ذَكَرٌ إذَا مُضِغَ فَسَدَ وَمَا كَانَ مِنْهُ مِنْ شَجَرٍ شَتَّى مِثْلُ الْغِرَاءِ وُصِفَ شَجَرُهُ وَمَا تَبَايَنَ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ شَجَرَةٍ وَاحِدَةٍ وُصِفَ كَمَا وَصَفْت فِي اللُّبَانِ وَلَيْسَ فِي صَغِيرِ هَذَا وَكَبِيرِهِ تَبَايُنٌ يُوصَفُ بِالْوَزْنِ وَلَيْسَ عَلَى صَاحِبِهِ أَنْ يُوزَنَ لَهُ فِيهِ قِرْفَةٌ أَوْ فِي شَجَرَةٍ مَقْلُوعَةٍ مَعَ الصَّمْغَةِ لاَ تُوزَنُ لَهُ الصَّمْغَةُ إلَّا مَحْضَةً‏.‏

باب الطِّينِ الْأَرْمَنِيِّ وَطِينِ الْبُحَيْرَةِ وَالْمَخْتُومِ

قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله‏:‏ وَقَدْ رَأَيْت طِينًا يَزْعُمُ أَهْلُ الْعِلْمِ بِهِ أَنَّهُ طِينٌ أَرْمَنِيٌّ وَمِنْ مَوْضِعٍ مِنْهَا مَعْرُوفٍ وَطِينٌ يُقَالُ لَهُ طِينُ الْبُحَيْرَةِ وَالْمَخْتُومِ وَيَدْخُلاَنِ مَعًا فِي الْأَدْوِيَةِ وَسَمِعْت مَنْ يَدَّعِي الْعِلْمَ بِهِمَا يَزْعُمُ أَنَّهُمَا يُغَشَّانِ بِطِينِ غَيْرِهِمَا لاَ يَنْفَعُ مَنْفَعَتَهُمَا، وَلاَ يَقَعُ مَوْقِعَهُمَا، وَلاَ يُسَوِّي مِائَةُ رِطْلٍ مِنْهُ رِطْلاً مِنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا طِينًا عِنْدَنَا بِالْحِجَازِ مِنْ طِينِ الْحِجَازِ يُشْبِهُ الطِّينَ الَّذِي رَأَيْتهمْ يَقُولُونَ‏:‏ إنَّهُ أَرْمَنِيٌّ‏.‏

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ فَإِنْ كَانَ مِمَّا رَأَيْت مَا يَخْتَلِطُ عَلَى الْمُخَلِّصِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا سَمِعْت مِمَّنْ يَدَّعِي مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِهِ فَلاَ يَخْلُصُ فَلاَ يَجُوزُ السَّلَفُ فِيهِ بِحَالٍ، وَإِنْ كَانَ يُوجَدُ عَدْلاَنِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ يَخْلُصَانِ مَعْرِفَتَهُ بِشَيْءٍ يُبَيِّنُ لَهُمَا جَازَ السَّلَفُ فِيهِ وَكَانَ كَمَا وَصَفْنَا مِمَّا يُسَلَّفُ فِيهِ مِنْ الْأَدْوِيَةِ وَالْقَوْلُ فِيهِ كَالْقَوْلِ فِي غَيْرِهِ إنْ تَبَايَنَ بِلَوْنٍ أَوْ جِنْسٍ أَوْ بَلَدٍ لَمْ يَجُزْ السَّلَفُ فِيهِ حَتَّى يُوصَفَ لَوْنُهُ وَجِنْسُهُ وَيُوصَفَ بِوَزْنٍ مَعْلُومٍ‏.‏

باب بَيْعِ الْحَيَوَانِ وَالسَّلَفِ فِيهِ

قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله‏:‏ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي رَافِعٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَسْلَفَ بِكْرًا فَجَاءَتْهُ إبِلٌ مِنْ الصَّدَقَةِ، فَقَالَ أَبُو رَافِعٍ‏:‏ فَأَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أَقْضِيَ الرَّجُلَ بِكْرَهُ فَقُلْت‏:‏ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنِّي لَمْ أَجِدْ فِي الْإِبِلِ إلَّا جَمَلاً خِيَارًا رُبَاعِيًّا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ «أَعْطِهِ إيَّاهُ فَإِنَّ خِيَارَ النَّاسِ أَحْسَنُهُمْ قَضَاءً»‏.‏

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ أَخْبَرَنَا الثِّقَةُ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كَهْلٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَ مَعْنَاهُ‏.‏

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ فَهَذَا الْحَدِيثُ الثَّابِتُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِهِ آخُذُ وَفِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَمِنَ بَعِيرًا بِصِفَةٍ وَفِي هَذَا مَا دَلَّ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ أَنَّهُ يَضْمَنُ الْحَيَوَانَ كُلَّهُ بِصِفَةٍ فِي السَّلَفِ وَفِي بَيْعِ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ وَكُلُّ أَمْرٍ لَزِمَ فِيهِ الْحَيَوَانُ بِصِفَةٍ وَجِنْسٍ وَسِنٍّ فَكَالدَّنَانِيرِ بِصِفَةٍ وَضَرْبٍ وَوَزْنٍ وَكَالطَّعَامِ بِصِفَةٍ وَكَيْلٍ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لاَ بَأْسَ أَنْ يَقْضِيَ أَفْضَلَ مِمَّا عَلَيْهِ مُتَطَوِّعًا مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ وَفِيهِ أَحَادِيثُ سِوَى هَذَا‏.‏

أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ‏:‏ قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا الثِّقَةُ يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ عَنْ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ‏:‏ جَاءَ عَبْدٌ فَبَايَعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْهِجْرَةِ وَلَمْ يَسْمَعْ أَنَّهُ عَبْدٌ فَجَاءَ سَيِّدُهُ يُرِيدُهُ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ «بِعْهُ»، فَاشْتَرَاهُ بِعَبْدَيْنِ أَسْوَدَيْنِ ثُمَّ لَمْ يُبَايِعْ أَحَدًا بَعْدَهُ حَتَّى يَسْأَلَهُ‏:‏ أَعَبْدٌ هُوَ أَمْ حُرٌّ‏.‏

قال‏:‏ وَبِهَذَا نَأْخُذُ وَهُوَ إجَازَةُ عَبْدٍ بِعَبْدَيْنِ وَإِجَازَةُ أَنْ يَدْفَعَ ثَمَنَ شَيْءٍ فِي يَدِهِ فَيَكُونُ كَقَبْضِهِ‏.‏

أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ‏:‏ قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ أَنَّ عَبْدَ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيَّ أَخْبَرَهُ أَنَّ زِيَادَ بْنَ أَبِي مَرْيَمَ مَوْلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ أَخْبَرَهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ مُصَدِّقًا لَهُ فَجَاءَهُ بِظَهْرٍ مَسَانَّ فَلَمَّا رَآهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ‏:‏ «هَلَكْت وَأَهْلَكْت»‏.‏ فَقَالَ‏:‏ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنِّي كُنْت أَبِيعُ الْبِكْرَيْنِ وَالثَّلاَثَةَ بِالْبَعِيرِ الْمُسِنِّ يَدًا بِيَدٍ وَعَلِمْت مِنْ حَاجَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى الظَّهْرِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ «فَذَاكَ إذَنْ»‏.‏

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ وَهَذَا مُنْقَطِعٌ لاَ يَثْبُتُ مِثْلُهُ وَإِنَّمَا كَتَبْنَاهُ أَنَّ الثِّقَةَ أَخْبَرَنَا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ حَفْصٍ أَوْ أَخْبَرَنِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ حَفْصٍ‏.‏

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنْ كَانَ قَالَ‏:‏ «هَلَكْت وَأَهْلَكْت» أَثِمْت وَأَهْلَكْت أَمْوَالَ النَّاسِ يَعْنِي أَخَذْت مِنْهُمْ مَا لَيْسَ عَلَيْهِمْ وَقَوْلُهُ‏:‏ عَرَفْت حَاجَةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى الظَّهْرِ، يَعْنِي مَا يُعْطِيهِ أَهْلُ الصَّدَقَةِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَيُعْطَى ابْنُ السَّبِيلِ مِنْهُمْ وَغَيْرُهُمْ مِنْ أَهْلِ السُّهْمَانِ عِنْدَ نُزُولِ الْحَاجَةِ بِهِمْ إلَيْهَا وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ‏.‏

أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ‏:‏ قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ ابْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ بَعِيرٍ بِبَعِيرَيْنِ فَقَالَ قَدْ يَكُونُ بَعِيرٌ خَيْرًا مِنْ بَعِيرَيْنِ‏.‏

أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ‏:‏ قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ بَاعَ جَمَلاً لَهُ يُدْعَى عُصَيْفِير بِعِشْرِينَ بَعِيرًا إلَى أَجَلٍ‏.‏

أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ‏:‏ قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ اشْتَرَى رَاحِلَةً بِأَرْبَعَةِ أَبْعِرَةٍ مَضْمُونَةٍ عَلَيْهِ يُوَفِّيهَا صَاحِبَهَا بِالرَّبَذَةِ‏.‏

أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ‏:‏ قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ شِهَابٍ عَنْ بَيْعِ الْحَيَوَانِ اثْنَيْنِ بِوَاحِدٍ إلَى أَجَلٍ‏؟‏ فَقَالَ لاَ بَأْسَ بِهِ‏.‏

أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ‏:‏ قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ قَالَ لاَ رِبَا فِي الْحَيَوَانِ وَإِنَّمَا نَهْيٌ مِنْ الْحَيَوَانِ عَنْ ثَلاَثٍ عَنْ الْمَضَامِينِ وَالْمَلاَقِيحِ وَحَبَلِ الْحَبَلَةِ وَالْمَضَامِينُ مَا فِي ظُهُورِ الْجِمَالِ وَالْمَلاَقِيحُ مَا فِي بُطُونِ الْإِنَاثِ وَحَبَلُ الْحَبَلَةِ بَيْعٌ كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَتَبَايَعُونَهُ كَانَ الرَّجُلُ يَبْتَاعُ الْجَزُورَ إلَى أَنْ تُنْتَجَ النَّاقَةُ ثُمَّ يُنْتَجُ مَا فِي بَطْنِهَا‏.‏

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ وَمَا نُهِيَ عَنْهُ مِنْ هَذَا كَمَا نُهِيَ عَنْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَهَذَا لاَ بَيْعُ عَيْنٍ، وَلاَ صِفَةٍ وَمِنْ بُيُوعِ الْغَرَرِ، وَلاَ يَحِلُّ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ نَهَى عَنْ بَيْعِ حَبَلِ الْحَبَلَةِ وَهُوَ مَوْضُوعٌ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ‏.‏

أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ‏:‏ قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا سَعِيدٌ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ أَنَّهُ قَالَ وَلْيَبْتَعْ الْبَعِيرَ بِالْبَعِيرَيْنِ يَدًا بِيَدٍ وَعَلَى أَحَدِهِمَا زِيَادَةُ وَرِقٍ وَالْوَرِقُ نَسِيئَةٌ قَالَ وَبِهَذَا كُلِّهِ أَقُولُ، وَلاَ بَأْسَ أَنْ يُسَلِّفَ الرَّجُلُ فِي الْإِبِلِ وَجَمِيعُ الْحَيَوَانِ بِسِنٍّ وَصِفَةٍ وَأَجَلٍ كَمَا يُسَلِّفُ فِي الطَّعَامِ، وَلاَ بَأْسَ أَنْ يَبِيعَ الرَّجُلُ الْبَعِيرَ بِالْبَعِيرَيْنِ مِثْلَهُ أَوْ أَكْثَرَ يَدًا بِيَدٍ وَإِلَى أَجَلٍ وَبَعِيرًا بِبَعِيرَيْنِ وَزِيَادَةُ دَرَاهِمَ يَدًا بِيَدٍ وَنَسِيئَةً إذَا كَانَتْ إحْدَى الْبَيْعَتَيْنِ كُلُّهَا نَقْدًا أَوْ كُلُّهَا نَسِيئَةً‏.‏ وَلاَ يَكُونُ فِي الصَّفْقَةِ نَقْدٌ وَنَسِيئَةٌ لاَ أُبَالِي أَيَّ ذَلِكَ كَانَ نَقْدًا، وَلاَ أَنَّهُ كَانَ نَسِيئَةً، وَلاَ يُقَارِبُ الْبَعِيرَ، وَلاَ يُبَاعِدُهُ؛ لِأَنَّهُ رِبَا فِي حَيَوَانٍ بِحَيَوَانٍ اسْتِدْلاَلاً بِأَنَّهُ مِمَّا أُبِيحَ مِنْ الْبُيُوعِ وَلَمْ يُحَرِّمْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَّهُ خَارِجٌ مِنْ مَعْنَى مَا حُرِّمَ مَخْصُوصٌ فِيهِ بِالتَّحْلِيلِ وَمَنْ بَعْدَهُ مِمَّنْ ذَكَرْنَا وَسَكَتْنَا عَنْ ذِكْرِهِ‏.‏

قال‏:‏ وَإِنَّمَا كَرِهْت فِي التَّسْلِيمِ أَنْ تَكُونَ إحْدَى الْبَيْعَتَيْنِ مُبَعَّضَةً بَعْضُهَا نَقْدٌ وَبَعْضُهَا نَسِيئَةٌ؛ لِأَنِّي لَوْ أَسْلَفْت بَعِيرَيْنِ أَحَدًا لِلَّذِينَ أَسْلَفْت نَقْدًا وَالْآخَرُ نَسِيئَةً فِي بَعِيرَيْنِ نَسِيئَةً كَانَ فِي الْبَيْعَةِ دَيْنٌ بِدَيْنٍ وَلَوْ أَسْلَفْت بَعِيرَيْنِ نَقْدًا فِي بَعِيرَيْنِ نَسِيئَةً إلَى أَجَلَيْنِ‏.‏ مُخْتَلِفَيْنِ كَانَتْ قِيمَةُ الْبَعِيرَيْنِ الْمُخْتَلِفَيْنِ إلَى الْأَجَلِ مَجْهُولَةً مِنْ قِيمَةِ الْبَعِيرَيْنِ النَّقْدِ؛ لِأَنَّهُمَا لَوْ كَانَا عَلَى صِفَةٍ وَاحِدَةٍ كَانَ الْمُسْتَأْخَرُ مِنْهُمَا أَقَلَّ قِيمَةً مِنْ الْمُتَقَدِّمِ قَبْلَهُ فَوَقَعَتْ الْبَيْعَةُ الْمُؤَخَّرَةُ لاَ تُعْرَفُ حِصَّةُ مَا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْبَعِيرَيْنِ مِنْهُمَا وَهَكَذَا لاَ يُسْلَمُ دَنَانِيرُ فِي شَيْءٍ إلَى أَجَلَيْنِ فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ وَكَذَلِكَ بَعِيرٌ بِعِشْرِينَ بَعِيرًا يَدًا بِيَدٍ وَنَسِيئَةً لاَ رِبَا فِي الْحَيَوَانِ، وَلاَ بَأْسَ أَنْ يُصَدِّقَ الْحَيَوَانَ وَيُصَالِحَ عَلَيْهِ وَيُكَاتِبَ عَلَيْهِ وَالْحَيَوَانُ بِصِفَةٍ وَسِنٍّ كَالدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ وَالطَّعَامِ لاَ يُخَالِفُهُ كُلُّ مَا جَازَ ثَمَنًا مِنْ هَذَا بِصِفَةٍ أَوْ كَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ جَازَ الْحَيَوَانُ فِيهِ بِصِفَةٍ وَسِنٍّ وَيُسَلَّفُ الْحَيَوَانُ فِي الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ وَالدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ، وَالْعُرُوضُ كُلُّهَا مِنْ الْحَيَوَانِ مِنْ صِنْفِهِ وَغَيْرِ صِنْفِهِ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ وَيُبَاعُ بِهَا يَدًا بِيَدٍ لاَ رِبَا فِيهَا كُلِّهَا، وَلاَ يَنْهَى مِنْ بَيْعِهِ عَنْ شَيْءٍ بِعَقْدٍ صَحِيحٍ إلَّا بَيْعَ اللَّحْمِ بِالْحَيَوَانِ اتِّبَاعًا دُونَ مَا سِوَاهُ‏.‏

قال‏:‏ وَكُلُّ مَا لَمْ يَكُنْ فِي التَّبَايُعِ بِهِ رِبَا فِي زِيَادَتِهِ فِي عَاجِلٍ أَوْ آجِلٍ فَلاَ بَأْسَ أَنْ يُسَلَّفَ بَعْضُهُ فِي بَعْضٍ مِنْ جِنْسٍ وَأَجْنَاسٍ وَفِي غَيْرِهِ مِمَّا تَحِلُّ فِيهِ الزِّيَادَةُ‏.‏ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ‏.‏

باب صِفَاتِ الْحَيَوَانِ إذَا كَانَتْ دَيْنًا

قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله‏:‏ إذَا سَلَّفَ رَجُلٌ فِي بَعِيرٍ لَمْ يَجُزْ السَّلَفُ فِيهِ إلَّا بِأَنْ يَقُولَ‏:‏ مِنْ نَعَمِ بَنِي فُلاَنٍ كَمَا يَقُولُ ثَوْبٌ مَرْوِيٌّ وَتَمْرٌ بُرْدِيٌّ وَحِنْطَةٌ مِصْرِيَّةٌ لِاخْتِلاَفِ أَجْنَاسِ الْبِلاَدِ وَاخْتِلاَفِ الثِّيَابِ وَالتَّمْرِ وَالْحِنْطَةِ وَيَقُولُ رُبَاعِيٌّ أَوْ سُدَاسِيٌّ أَوْ بَازِلٌ أَوْ أَيُّ سِنٍّ أَسْلَفَ فِيهَا فَيَكُونُ السِّنُّ إذَا كَانَ مِنْ حَيَوَانٍ مَعْرُوفًا فِيمَا يُسَمَّى مِنْ الْحَيَوَانِ كَالذَّرْعِ فِيمَا يُذْرَعُ مِنْ الثِّيَابِ وَالْكَيْلُ فِيمَا يُكَالُ مِنْ الطَّعَامِ؛ لِأَنَّ هَذَا أَقْرَبُ الْأَشْيَاءِ مِنْ أَنْ يُحَاطَ بِهِ فِيهِ كَمَا الْكَيْلُ وَالذَّرْعُ أَقْرَبُ الْأَشْيَاءِ فِي الطَّعَامِ وَالثَّوْبِ مِنْ أَنْ يُحَاطَ بِهِ فِيهِ وَيَقُولُ لَوْنُهُ كَذَا؛ لِأَنَّهَا تَتَفَاضَلُ فِي الْأَلْوَانِ وَصِفَةُ الْأَلْوَانِ فِي الْحَيَوَانِ كَصِفَةِ وَشْيِ الثَّوْبِ وَلَوْنِ الْخَزِّ وَالْقَزِّ وَالْحَرِيرِ وَكُلٌّ يُوصَفُ بِمَا أَمْكَنَ فِيهِ مِنْ أَقْرَبِ الْأَشْيَاءِ بِالْإِحَاطَةِ بِهِ فِيهِ وَيَقُولُ ذَكَرٌ أَوْ أُنْثَى لِاخْتِلاَفِ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى فَإِنْ تَرَكَ وَاحِدًا مِنْ هَذَا فَسَدَ السَّلَفُ فِي الْحَيَوَانِ‏.‏

قال‏:‏ وَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَقُولَ نَقِيٌّ مِنْ الْعُيُوبِ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَيْبٌ وَأَنْ يَقُولَ جَسِيمًا فَيَكُونُ لَهُ أَقَلُّ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ صِفَةِ الْجَسِيمِ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ مُوَدَّنٌ؛ لِأَنَّ الْإِيدَانَ عَيْبٌ وَلَيْسَ لَهُ مَرَضٌ، وَلاَ عَيْبٌ، وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ‏.‏

قال‏:‏ وَإِنْ اخْتَلَفَ نَعَمُ بَنِي فُلاَنٍ كَانَ لَهُ أَقَلُّ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ صِفَةً مِنْ أَيِّ نَعَمِهِمْ شَاءَ فَإِنْ زَادُوهُ فَهُمْ مُتَطَوِّعُونَ بِالْفَضْلِ وَقَدْ قِيلَ إذَا تَبَايَنَ نَعَمُهُمْ فَسَدَ السَّلَفُ إلَّا بِأَنْ يُوصَفَ جِنْسٌ مِنْ نَعَمِهِمْ‏.‏

قال‏:‏ وَالْحَيَوَانُ كُلُّهُ مِثْلُ الْإِبِلِ لاَ يُجْزِئُ فِي شَيْءٍ مِنْهُ إلَّا مَا أَجْزَأَ فِي الْإِبِلِ‏.‏

قال‏:‏ وَإِنْ كَانَ السَّلَفُ فِي خَيْلٍ أَجْزَأَ فِيهَا مَا أَجْزَأَ فِي الْإِبِلِ وَأُحِبُّ إنْ كَانَ السَّلَفُ فِي الْفَرَسِ أَنْ يَصِفَ شِيَتَهُ مَعَ لَوْنِهِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَلَهُ اللَّوْنُ بَهِيمًا، وَإِنْ كَانَ لَهُ شِيَةٌ فَهُوَ بِالْخِيَارِ فِي أَخْذِهَا وَتَرْكِهَا وَالْبَائِعُ بِالْخِيَارِ فِي تَسْلِيمِهَا وَإِعْطَائِهِ اللَّوْنَ بَهِيمًا‏.‏

قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله‏:‏ وَهَكَذَا‏.‏ هَذَا فِي أَلْوَانِ الْغَنَمِ إنْ وَصَفَ لَوْنَهَا وَصِفَتَهَا غُرًّا أَوْ كَدْرًا وَبِمَا يُعْرَفُ بِهِ اللَّوْنُ الَّذِي يُرِيدُ مِنْ الْغَنَمِ، وَإِنْ تَرَكَهُ فَلَهُ اللَّوْنُ الَّذِي يَصِفُ جُمْلَتَهُ بَهِيمًا وَهَكَذَا جَمِيعُ الْمَاشِيَةِ حُمُرِهَا وَبِغَالِهَا وَبَرَاذِينِهَا وَغَيْرِهَا مِمَّا يُبَاعُ فَعَلَى هَذَا، هَذَا الْبَابُ كُلُّهُ وَقِيَاسُهُ وَهَكَذَا، هَذَا فِي الْعَبِيدِ وَالْإِمَاءِ يَصِفُ أَسْنَانَهُنَّ بِالسِّنِينَ وَأَلْوَانَهُنَّ وَأَجْنَاسَهُنَّ وَتَحْلِيَتَهُنَّ بِالْجُعُودَةِ وَالسُّبُوطَةِ‏.‏

قال‏:‏ وَإِنْ أَتَى عَلَى السِّنِّ وَاللَّوْنِ وَالْجِنْسِ أَجْزَأَهُ، وَإِنْ تَرَكَ وَاحِدًا مِنْ هَذَا فَسَدَ السَّلَفُ وَالْقَوْلُ فِي هَذَا وَفِي الْجَوَارِي وَالْعَبِيدِ كَالْقَوْلِ فِيمَا قَبْلَهُ وَالتَّحْلِيَةُ أَحَبُّ إلَيَّ، وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَلَيْسَ لَهُ عَيْبٌ كَمَا لاَ يَكُونُ لَهُ فِي الْبَيْعِ عَيْبٌ إلَّا أَنَّهُمَا يَخْتَلِفَانِ فِي خَصْلَةٍ إنْ جُعِّدَتْ لَهُ‏.‏ وَقَدْ اشْتَرَاهَا نَقْدًا بِغَيْرِ صِفَةٍ كَانَ بِالْخِيَارِ فِي رَدِّهَا إذَا عَلِمَ أَنَّهَا سَبْطَةٌ؛ لِأَنَّهُ اشْتَرَاهَا عَلَى أَنَّهُ يَرَى أَنَّهَا جَعْدَةٌ وَالْجَعْدَةُ أَكْثَرُ ثَمَنًا مِنْ السَّبْطَةِ وَلَوْ اشْتَرَاهَا سَبْطَةً ثُمَّ جَعُدَتْ ثُمَّ دُفِعَتْ إلَى الْمُسَلِّفِ لَمْ يَكُنْ لَهُ رَدُّهَا؛ لِأَنَّهَا تَلْزَمُهُ سَبْطَةً؛ لِأَنَّ السُّبُوطَةَ لَيْسَتْ بِعَيْبٍ تُرَدُّ مِنْهُ إنَّمَا فِي تَقْصِيرٍ عَنْ حُسْنٍ أَقَلَّ مِنْ تَقْصِيرِهَا بِخِلاَفِ الْحُسْنِ عَنْ الْحُسْنِ وَالْحَلاَوَةِ عَنْ الْحَلاَوَةِ‏.‏

قال‏:‏ وَلاَ خَيْرَ فِي أَنْ يُسْلِمَ فِي جَارِيَةٍ بِصِفَةٍ عَلَى أَنْ يُوَفَّاهَا وَهِيَ حُبْلَى، وَلاَ فِي ذَاتِ رَحِمٍ مِنْ الْحَيَوَانِ عَلَى ذَلِكَ مِنْ قِبَلِ أَنَّ الْحَمْلَ مَا لاَ يَعْلَمُهُ إلَّا اللَّهُ وَأَنَّهُ شَرْطٌ فِيهَا لَيْسَ فِيهَا وَهُوَ شِرَاءُ مَا لاَ يُعْرَفُ وَشِرَاؤُهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ لاَ يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ لاَ يُعْرَفُ، وَلاَ يَدْرِي أَيَكُونُ أَمْ لاَ، وَلاَ خَيْرَ فِي أَنْ يُسَلِّفَ فِي نَاقَةٍ بِصِفَةٍ وَمَعَهَا وَلَدُهَا مَوْصُوفًا، وَلاَ فِي وَلِيدَةٍ، وَلاَ فِي ذَاتِ رَحِمٍ مِنْ حَيَوَانٍ كَذَلِكَ‏.‏

قال‏:‏ وَلَكِنْ إنْ أَسْلَفَ فِي وَلِيدَةٍ أَوْ نَاقَةٍ أَوْ ذَاتِ رَحِمٍ مِنْ الْحَيَوَانِ بِصِفَةٍ وَوَصَفَ بِصِفَةٍ وَلَمْ يَقُلْ ابْنُهَا أَوْ وَلَدُ نَاقَةٍ أَوْ شَاةٍ وَلَمْ يَقُلْ وَلَدُ الشَّاةِ الَّتِي أَعْطَاهَا جَازَ وَسَوَاءٌ أَسْلَفْت فِي صَغِيرٍ أَوْ كَبِيرٍ مَوْصُوفَيْنِ بِصِفَةٍ وَسِنٍّ تَجْمَعُهُمَا أَوْ كَبِيرَيْنِ كَذَلِكَ‏.‏

قال‏:‏ وَإِنَّمَا أَجَزْته فِي أَمَةٍ وَوَصِيفٍ يَصِفُهُ لِمَا وَصَفْت مِنْ أَنَّهُ يُسْلِمُ فِي اثْنَيْنِ وَكَرِهْت أَنْ يُقَالَ ابْنُهَا، وَإِنْ كَانَ مَوْصُوفًا؛ لِأَنَّهَا قَدْ تَلِدُ، وَلاَ تَلِدُ وَتَأْتِي عَلَى تِلْكَ الصِّفَةِ، وَلاَ تَأْتِي وَكَرِهْته لَوْ قَالَ مَعَهَا ابْنُهَا، وَإِنْ لَمْ يُوصَفْ؛ لِأَنَّهُ شِرَاءُ عَيْنٍ بِغَيْرِ صِفَةٍ وَشَيْءٌ غَيْرُ مَضْمُونٍ عَلَى صَاحِبِهِ أَلاَ تَرَى أَنِّي لاَ أُجِيزُ أَنْ أُسَلِّفَ فِي أَوْلاَدِهَا سَنَةً؛ لِأَنَّهَا قَدْ تَلِدُ، وَلاَ تَلِدُ وَيَقِلُّ وَلَدُهَا وَيَكْثُرُ وَالسَّلَفُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ يُخَالِفُ بَيْعَ الْأَعْيَانِ‏.‏

قال‏:‏ وَلَوْ سَلَّفَ فِي نَاقَةٍ مَوْصُوفَةٍ أَوْ مَاشِيَةٍ أَوْ عَبْدٍ مَوْصُوفٍ عَلَى أَنَّهُ خَبَّازٌ أَوْ جَارِيَةٍ مَوْصُوفَةٍ عَلَى أَنَّهَا مَاشِطَةٌ كَانَ السَّلَفُ صَحِيحًا وَكَانَ لَهُ أَدْنَى مَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الْمَشْطِ وَأَدْنَى مَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الْخَبْزِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَا وَصَفْت غَيْرُ مَوْجُودٍ بِالْبَلَدِ الَّذِي يُسَلِّفُ فِيهِ بِحَالٍ فَلاَ يَجُوزُ‏.‏

قال‏:‏ وَلَوْ سَلَّفَ فِي ذَاتِ دَرٍّ عَلَى أَنَّهَا لَبُونٍ كَانَ فِيهَا قَوْلاَنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ جَائِزٌ، وَإِذَا وَقَعَ عَلَيْهَا أَنَّهَا لَبُونٌ كَانَتْ لَهُ كَمَا قُلْنَا فِي الْمَسَائِلِ قَبْلَهَا، وَإِنْ تَفَاضَلَ اللَّبَنُ كَمَا يَتَفَاضَلُ الْمَشْيُ وَالْعَمَلُ وَالثَّانِي لاَ يَجُوزُ مِنْ قِبَلِ أَنَّهَا شَاةٌ بِلَبَنٍ؛ لِأَنَّ شَرْطَهُ ابْتِيَاعٌ لَهُ وَاللَّبَنُ يَتَمَيَّزُ مِنْهَا، وَلاَ يَكُونُ بِتَصَرُّفِهَا إنَّمَا هُوَ شَيْءٌ يَخْلُقُهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيهَا كَمَا يَحْدُثُ فِيهَا الْبَعْرُ وَغَيْرُهُ فَإِذَا وَقَعَتْ عَلَى هَذَا صِفَةُ الْمُسَلِّفِ كَانَ فَاسِدًا كَمَا يَفْسُدُ أَنْ يَقُولَ أُسَلِّفُك فِي نَاقَةٍ يَصِفُهَا وَلَبَنٍ مَعَهَا غَيْرِ مَكِيلٍ، وَلاَ مَوْصُوفٍ وَكَمَا لاَ يَجُوزُ أَنْ أُسَلِّفَك فِي وَلِيدَةٍ حُبْلَى وَهَذَا أَشْبَهُ الْقَوْلَيْنِ بِالْقِيَاسِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ‏.‏

قال‏:‏ وَالسَّلَفُ فِي الْحَيَوَانِ كُلِّهِ وَبَيْعُهُ بِغَيْرِهِ وَبَعْضُهُ بِبَعْضٍ هَكَذَا لاَ يَخْتَلِفُ مُرْتَفِعُهُمْ وَغَيْرُ مُرْتَفِعِهِمْ وَالْإِبِلُ وَالْبَقَرُ وَالْغَنَمُ وَالْخَيْلُ وَالدَّوَابُّ كُلُّهَا وَمَا كَانَ مَوْجُودًا مِنْ الْوَحْشِ مِنْهَا فِي أَيْدِي النَّاسِ مِمَّا يَحِلُّ بَيْعُهُ سَوَاءٌ كُلُّهُ وَيُسَلَّفُ كُلُّهُ بِصِفَةٍ إلَّا الْإِنَاثَ مِنْ النِّسَاءِ فَإِنَّا نَكْرَهُ سَلَفَهُنَّ دُونَ مَا سِوَاهُنَّ مِنْ الْحَيَوَانِ‏.‏ وَلاَ نَكْرَهُ أَنْ يُسَلَّفَ فِيهِنَّ إنَّمَا نَكْرَهُ أَنْ يُسَلَّفْنَ وَإِلَّا الْكَلْبَ وَالْخِنْزِيرَ فَإِنَّهُمَا لاَ يُبَاعَانِ بِدَيْنٍ، وَلاَ عَيْنٍ‏.‏

قال‏:‏ وَمَا لَمْ يَنْفَعْ مِنْ السِّبَاعِ فَهُوَ مَكْتُوبٌ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ وَكُلُّ مَا لَمْ يَحِلَّ بَيْعُهُ لاَ يَحِلُّ السَّلَفُ فِيهِ وَالسَّلَفُ بَيْعٌ‏.‏

قال‏:‏ وَكُلُّ مَا أَسْلَفْت مِنْ حَيَوَانٍ وَغَيْرِهِ وَشَرَطْت مَعَهُ غَيْرَهُ فَإِنْ كَانَ الْمَشْرُوطُ مَعَهُ مَوْصُوفًا يَحِلُّ فِيهِ السَّلَفُ عَلَى الِانْفِرَادِ جَازَ فَكُنْت إنَّمَا أَسْلَفْت فِيهِ وَفِي الْمَوْصُوفِ مَعَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ يَجُوزُ السَّلَفُ فِيهِ عَلَى الِانْفِرَادِ فَسَدَ السَّلَفُ، وَلاَ يَجُوزُ أَنْ يُسَلِّفَ فِي حَيَوَانٍ مَوْصُوفٍ مِنْ حَيَوَانِ رَجُلٍ بِعَيْنِهِ أَوْ بَلَدٍ بِعَيْنِهِ وَلِإِنْتَاجِ مَاشِيَةِ رَجُلٍ بِعَيْنِهِ، وَلاَ يَجُوزُ أَنْ يُسَلِّفَ فِيهِ إلَّا فِيمَا لاَ يَنْقَطِعُ مِنْ أَيْدِي النَّاسِ كَمَا قُلْنَا فِي الطَّعَامِ وَغَيْرِهِ‏.‏

قَالَ الرَّبِيعُ‏:‏

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ وَلاَ يَجُوزُ أَنْ أُقْرِضَك جَارِيَةً وَيَجُوزُ أَنْ أُقْرِضَك كُلَّ‏.‏ شَيْءٍ سِوَاهَا مِنْ دَرَاهِمَ وَدَنَانِيرَ؛ لِأَنَّ الْفُرُوجَ تُحَاطُ بِأَكْثَرَ مِمَّا يُحَاطُ بِهِ غَيْرُهَا فَلَمَّا كُنْت إذَا أَسْلَفْتُك جَارِيَةً كَانَ لِي نَزْعُهَا مِنْك لِأَنِّي لَمْ آخُذْ مِنْك فِيهَا عِوَضًا لَمْ يَكُنْ لَك أَنْ تَطَأَ جَارِيَةً لِي نَزْعُهَا مِنْك‏.‏ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ‏.‏

باب الِاخْتِلاَفِ فِي أَنْ يَكُونَ الْحَيَوَانُ نَسِيئَةً أَوْ يَصْلُحَ مِنْهُ اثْنَانِ بِوَاحِدٍ

قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله‏:‏ فَخَالَفَنَا بَعْضُ النَّاسِ فِي الْحَيَوَانِ فَقَالَ لاَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْحَيَوَانُ نَسِيئَةً أَبَدًا قَالَ وَكَيْفَ أَجَزْتُمْ أَنْ جَعَلْتُمْ الْحَيَوَانَ دَيْنًا وَهُوَ غَيْرُ مَكِيلٍ، وَلاَ مَوْزُونٍ وَالصِّفَةُ تَقَعُ عَلَى الْعَبْدَيْنِ وَبَيْنَهُمَا دَنَانِيرُ وَعَلَى الْبَعِيرَيْنِ وَبَيْنَهُمَا تَفَاوُتٌ فِي الثَّمَنِ‏؟‏ قَالَ نَقَلْنَاهُ قُلْنَا بِأَوْلَى الْأُمُورِ بِنَا أَنْ نَقُولَ بِهِ بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي اسْتِسْلاَفِهِ بَعِيرًا وَقَضَائِهِ إيَّاهُ وَالْقِيَاسُ عَلَى مَا سِوَاهَا مِنْ سُنَّتِهِ وَلَمْ يَخْتَلِفْ أَهْلُ الْعِلْمِ فِيهِ‏.‏

قال‏:‏ فَاذْكُرْ ذَلِكَ قُلْت أَمَّا السُّنَّةُ النَّصُّ، فَإِنَّهُ اسْتَسْلَفَ بَعِيرًا وَأَمَّا السُّنَّةُ الَّتِي اسْتَدْلَلْنَا بِهَا فَإِنَّهُ قَضَى بِالدِّيَةِ مِائَةً مِنْ الْإِبِلِ وَلَمْ أَعْلَمْ الْمُسْلِمِينَ اخْتَلَفُوا أَنَّهَا بِأَسْنَانٍ مَعْرُوفَةٍ وَفِي مُضِيِّ ثَلاَثِ سِنِينَ وَأَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ افْتَدَى كُلَّ مَنْ لَمْ يَطِبْ عَنْهُ نَفْسًا مَنْ قَسَمَ لَهُ مِنْ سَبْيِ هَوَازِنَ بِإِبِلٍ سَمَّاهَا سِتٌّ أَوْ خَمْسٌ إلَى أَجَلٍ‏.‏

قال‏:‏ أَمَّا هَذَا فَلاَ أَعْرِفُهُ قُلْنَا‏:‏ فَمَا أَكْثَرَ مَا لاَ تَعْرِفُهُ مِنْ الْعِلْمِ، قَالَ‏:‏ أَفَثَابِتٌ‏؟‏ قُلْت نَعَمْ وَلَمْ يَحْضُرْنِي إسْنَادُهُ قَالَ وَلَمْ أَعْرِفْ الدِّيَةَ مِنْ السُّنَّةِ قُلْت وَتَعْرِفُ مِمَّا لاَ تُخَالِفُنَا فِيهِ أَنْ يُكَاتِبَ الرَّجُلُ عَلَى الْوُصَفَاءِ بِصِفَةٍ وَأَنْ يُصْدِقَ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ الْعَبِيدَ وَالْإِبِلَ بِصِفَةٍ‏؟‏ قَالَ نَعَمْ وَقَالَ‏:‏ وَلَكِنَّ الدِّيَةَ تَلْزَمُ بِغَيْرِ أَعْيَانِهَا‏.‏ قُلْت وَكَذَلِكَ الدِّيَةُ مِنْ الذَّهَبِ تَلْزَمُ بِغَيْرِ أَعْيَانِهَا وَلَكِنْ نَقْدُ الْبِلاَدِ وَوَزْنٌ مَعْلُومٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ فَكَذَلِكَ تَلْزَمُ الْإِبِلُ إبِلُ الْعَاقِلَةِ وَسِنٌّ مَعْلُومَةٌ وَغَيْرُ مَعِيبَةٍ وَلَوْ أَرَادَ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَسْنَانِهَا سِنًّا لَمْ تَجُزْ فَلاَ أَرَاك إلَّا حَكَمْت بِهَا مُؤَقَّتَةً وَأَجَزْت فِيهَا أَنْ تَكُونَ دَيْنًا وَكَذَلِكَ أَجَزْت فِي صَدَاقِ النِّسَاءِ لِوَقْتٍ وَصِفَةٍ وَفِي الْكِتَابَةِ لِوَقْتٍ وَصِفَةٍ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ رَوَيْنَا فِيهِ شَيْئًا إلَّا مَا جَامَعْتنَا عَلَيْهِ مِنْ أَنَّ الْحَيَوَانَ يَكُونُ دَيْنًا فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ الثَّلاَثِ أَمَا كُنْت مَحْجُوجًا بِقَوْلِك لاَ يَكُونُ الْحَيَوَانُ دَيْنًا وَكَانَتْ عِلَّتُك فِيهِ زَائِلَةً‏؟‏

قال‏:‏ وَإِنَّ النِّكَاحَ يَكُونُ بِغَيْرِ مَهْرٍ‏؟‏ قُلْت لَهُ فَلَمْ تَجْعَلْ فِيهِ مَهْرَ مِثْلِ الْمَرْأَةِ إذَا أُصِيبَتْ وَتَجْعَلُ الْإِصَابَةَ كَالِاسْتِهْلاَكِ فِي السِّلْعَةِ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ تَجْعَلُ فِيهِ قِيمَتَهُ‏؟‏ قَالَ فَإِنَّمَا كَرِهْنَا السَّلَمَ فِي الْحَيَوَانِ؛ لِأَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ كَرِهَهُ قُلْنَا يُخَالِفُ السَّلَمُ سَلَفَهُ أَوْ الْبَيْعَ بِهِ أَمْ هُمَا شَيْءٌ وَاحِدٌ‏؟‏ قَالَ بَلْ كُلُّ ذَلِكَ وَاحِدٌ إذَا جَازَ أَنْ يَكُونَ دَيْنًا فِي حَالٍ جَازَ أَنْ يَكُونَ دَيْنًا فِي كُلِّ حَالٍ قُلْت قَدْ جَعَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَيْنًا فِي السَّلَفِ وَالدِّيَةِ وَلَمْ تُخَالِفْنَا فِي أَنَّهُ يَكُونُ فِي مَوْضِعَيْنِ آخَرَيْنِ دَيْنًا فِي الصَّدَاقِ وَالْكِتَابَةِ فَإِنْ قُلْت لَيْسَ بَيْنَ الْعَبْدِ وَسَيِّدِهِ رِبًا قُلْت أَيَجُوزُ أَنْ يُكَاتِبَهُ عَلَى حُكْمِ السَّيِّدِ وَعَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ ثَمَرَةً لَمْ يَبْدُ صَلاَحُهَا وَعَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ ابْنَهُ الْمَوْلُودَ مَعَهُ فِي كِتَابَتِهِ كَمَا يَجُوزُ لَوْ كَانَ عَبْدًا لَهُ وَيَكُونُ لِلسَّيِّدِ يَأْخُذُ مَالَهُ‏؟‏ قَالَ مَا حُكْمُهُ حُكْمَ الْعَبِيدِ قُلْنَا فَقَلَّمَا نَرَاك تَحْتَجُّ بِشَيْءٍ إلَّا تَرَكْته وَاَللَّهُ الْمُسْتَعَانُ وَمَا نَرَاك أَجَزْت فِي الْكِتَابَةِ إلَّا مَا أَجَزْت فِي الْبُيُوعِ فَكَيْفَ أَجَزْت فِي الْكِتَابَةِ أَنْ يَكُونَ الْحَيَوَانُ نَسِيئَةً وَلَمْ تُجِزْهُ فِي السَّلَفِ فِيهِ‏؟‏ أَرَأَيْت لَوْ كَانَ ثَابِتًا عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ كَرِهَ السَّلَمَ فِي الْحَيَوَانِ غَيْرَ مُخْتَلِفٍ عَنْهُ فِيهِ وَالسَّلَمُ عِنْدَك إذَا كَانَ دَيْنًا كَمَا وَصَفْنَا مِنْ إسْلاَفِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ أَكَانَ يَكُونُ فِي أَحَدٍ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِجْمَاعِ النَّاسِ حُجَّةٌ‏؟‏ قَالَ لاَ قُلْت فَقَدْ جَعَلْته حُجَّةً عَلَى ذَلِكَ مُتَظَاهِرًا مُتَأَكِّدًا فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ وَأَنْتَ تَزْعُمُ فِي أَصْلِ قَوْلِك أَنَّهُ لَيْسَ بِثَابِتٍ عَنْهُ قَالَ وَمِنْ أَيْنَ‏؟‏ قُلْت وَهُوَ مُنْقَطِعٌ عَنْهُ وَيَزْعُمُ الشَّعْبِيُّ الَّذِي هُوَ أَكْبَرُ مِنْ الَّذِي رُوِيَ عَنْهُ كَرَاهَتَهُ أَنَّهُ إنَّمَا أَسْلَفَ‏.‏ لَهُ فِي لِقَاحِ فَحْلِ إبِلٍ بِعَيْنِهِ وَهَذَا مَكْرُوهٌ عِنْدَنَا وَعِنْدَ كُلِّ أَحَدٍ هَذَا بَيْعُ الْمَلاَقِيحِ وَالْمَضَامِينِ أَوْ هُمَا وَقُلْت لِمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ أَنْتَ أَخْبَرْتنِي عَنْ أَبِي يُوسُفَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ أَبِي الْبُحْتُرِيِّ أَنَّ بَنِي عَمٍّ لِعُثْمَانَ أَتَوْا وَادِيًا فَصَنَعُوا شَيْئًا فِي إبِلِ رَجُلٍ قَطَعُوا بِهِ لَبَنَ إبِلِهِ وَقَتَلُوا فِصَالَهَا فَأَتَى عُثْمَانَ وَعِنْدَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ فَرَضِيَ بِحُكْمِ ابْنِ مَسْعُودٍ فَحَكَمَ أَنْ يُعْطِيَ بِوَادِيهِ إبِلاً مِثْلَ إبِلِهِ وَفِصَالاً مِثْلَ فِصَالِهِ فَأَنْفَذَ ذَلِكَ عُثْمَانُ فَيُرْوَى عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ يَقْضِي فِي حَيَوَانٍ بِحَيَوَانٍ مِثْلِهِ دَيْنًا؛ لِأَنَّهُ إذَا قُضِيَ بِهِ بِالْمَدِينَةِ وَأُعْطِيَهُ بِوَادِيهِ كَانَ دَيْنًا وَيَزِيدُ أَنْ يَرْوِيَ عَنْ عُثْمَانَ أَنَّهُ يَقُولُ بِقَوْلِهِ وَأَنْتُمْ تَرْوُونَ عَنْ الْمَسْعُودِيِّ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ أَسْلَمَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ فِي وُصَفَاءَ أَحَدُهُمْ أَبُو زَائِدَةَ مَوْلاَنَا فَلَوْ اخْتَلَفَ قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ فِيهِ عِنْدَك فَأَخَذَ رَجُلٌ بِبَعْضِهِ دُونَ بَعْضٍ أَلَمْ يَكُنْ لَهُ‏؟‏ قَالَ بَلَى قُلْت وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ غَيْرُ اخْتِلاَفِ قَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ‏؟‏ قَالَ نَعَمْ قُلْت فَلِمَ خَالَفْت ابْنَ مَسْعُودٍ وَمَعَهُ عُثْمَانُ وَمَعْنَى السُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ‏؟‏ قَالَ فَقَالَ مِنْهُمْ قَائِلٌ فَلَوْ زَعَمْت أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهِ وَيَجُوزُ إسْلاَمُهُ وَأَنْ يَكُونَ دِيَةً وَكِتَابَةً وَمَهْرًا وَبَعِيرًا بِبَعِيرَيْنِ نَسِيئَةً قُلْت فَقُلْهُ إنْ شِئْت قَالَ فَإِنْ قُلْته‏؟‏ قُلْت يَكُونُ أَصْلُ قَوْلِك لاَ يَكُونُ الْحَيَوَانُ دَيْنًا خَطَأً بِحَالِهِ قَالَ فَإِنْ انْتَقَلْت عَنْهُ‏؟‏ قُلْت فَأَنْتُمْ تَرْوُونَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ أَجَازَ السَّلَمَ فِي الْحَيَوَانِ وَعَنْ رَجُلٍ آخَرَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إنَّا لَنَرْوِيهِ قُلْت فَإِنْ ذَهَبَ رَجُلٌ إلَى قَوْلِهِمَا أَوْ قَوْلِ أَحَدِهِمَا دُونَ قَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَيَجُوزُ لَهُ‏؟‏ قَالَ نَعَمْ قُلْت فَإِنْ كَانَ مَعَ قَوْلِهِمَا أَوْ قَوْلِ أَحَدِهِمَا الْقِيَاسُ عَلَى السُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ‏؟‏ قَالَ فَذَلِكَ أَوْلَى أَنْ يُقَالَ بِهِ قُلْت أَفَتَجِدُ مَعَ مَنْ أَجَازَ السَّلَمَ فِي الْحَيَوَانِ الْقِيَاسَ فِيمَا وَصَفْت‏؟‏ قَالَ نَعَمْ وَمَا دَرَيْتَ لِأَيِّ مَعْنًى تَرَكَهُ أَصْحَابُنَا قُلْت أَفَتَرْجِعُ إلَى إجَازَتِهِ‏؟‏ قَالَ أَقِفُ فِيهِ قُلْت فَيُعْذَرُ غَيْرُك فِي الْوَقْفِ عَمَّا بَانَ لَهُ‏؟‏

قال‏:‏ وَرَجَعَ بَعْضُهُمْ مِمَّنْ كَانَ يَقُولُ قَوْلَهُمْ مِنْ أَهْلِ الْآثَارِ إلَى إجَازَتِهِ وَقَدْ كَانَ يُبْطِلُهُ‏.‏

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ فَإِنَّ صَاحِبَنَا قَالَ إنَّهُ يُدْخِلُ عَلَيْكُمْ خَصْلَةٍ تَتْرُكُونَ فِيهَا أَصْلَ قَوْلِكُمْ إنَّكُمْ لَمْ تُجِيزُوا اسْتِسْلاَفَ الْوَلاَئِدِ خَاصَّةً وَأَجَزْتُمْ بَيْعَهُنَّ بِدَيْنٍ وَالسَّلَفَ فِيهِنَّ قَالَ قُلْت أَرَأَيْت لَوْ تَرَكْنَا قَوْلَنَا فِي خَصْلَةٍ وَاحِدَةٍ وَلَزِمْنَاهُ فِي كُلِّ شَيْءٍ أَكُنَّا مَعْذُورِينَ‏؟‏ قَالَ لاَ قُلْت؛ لِأَنَّ ذَلِكَ خَطَأٌ‏؟‏ قَالَ نَعَمْ قُلْت فَمَنْ أَخْطَأَ قَلِيلاً أَمْثَلُ حَالاً أَمْ أَخْطَأَ كَثِيرًا‏؟‏ قَالَ بَلْ مَنْ أَخْطَأَ قَلِيلاً، وَلاَ عُذْرَ لَهُ قُلْت فَأَنْتَ تُقِرُّ بِخَطَأٍ كَثِيرٍ وَتَأْبَى أَنْ تَنْتَقِلَ عَنْهُ وَنَحْنُ لَمْ نُخَطِّئْ أَصْلَ قَوْلِنَا إنَّمَا فَرَّقْنَا بَيْنَهُ بِمَا تَتَفَرَّقُ الْأَحْكَامُ عِنْدَنَا وَعِنْدَك بِأَقَلَّ مِنْهُ قَالَ فَاذْكُرْهُ قُلْت أَرَأَيْت إذَا اشْتَرَيْت مِنْك جَارِيَةً مَوْصُوفَةً بِدَيْنٍ أَمَلَكْت عَلَيْك إلَّا الصِّفَةَ‏؟‏ وَلَوْ كَانَتْ عِنْدَك مِائَةٌ مِنْ تِلْكَ الصِّفَةِ لَمْ تَكُنْ فِي وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ بِعَيْنِهَا وَكَانَ لَك أَنْ تُعْطِيَ أَيَّتَهنَّ شِئْت فَإِذَا فَعَلْت فَقَدْ مَلَكْتهَا حِينَئِذٍ‏؟‏ قَالَ نَعَمْ قُلْت، وَلاَ يَكُونُ لَك أَخْذُهَا مِنِّي كَمَا لاَ يَكُونُ لَك أَخْذُهَا لَوْ بِعْتهَا مَكَانَك وَانْتَقَدْت ثَمَنَهَا‏؟‏ قَالَ نَعَمْ وَكُلُّ بَيْعٍ بِيعَ بِثَمَنٍ مِلْكٌ هَكَذَا قَالَ‏:‏ نَعَمْ قُلْت‏:‏ أَفَرَأَيْت إذَا أَسْلَفْتُك جَارِيَةً إلَى أَخْذِهَا مِنْك بَعْدَمَا قَبَضْتهَا مِنْ سَاعَتِي وَفِي كُلِّ سَاعَةٍ‏؟‏ قَالَ نَعَمْ قُلْت فَلَكَ أَنْ تَطَأَ جَارِيَةً مَتَى شِئْت أَخَذْتهَا أَوْ اسْتَبْرَأْتهَا وَوَطِئْتهَا‏؟‏ قَالَ فَمَا فَرْقٌ بَيْنَهَا وَبَيْنَ غَيْرِهَا‏؟‏ قُلْت الْوَطْءُ قَالَ فَإِنَّ فِيهَا لَمَعْنًى فِي الْوَطْءِ مَا هُوَ فِي رَجُلٍ، وَلاَ فِي شَيْءٍ مِنْ الْبَهَائِمِ قُلْت فَبِذَلِكَ الْمَعْنَى فَرَّقْت بَيْنَهُمَا‏؟‏ قَالَ فَلِمَ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يُسَلِّفَهَا فَإِنْ وَطِئَهَا لَمْ يَرُدَّهَا وَرَدَّ مِثْلَهَا‏؟‏ قُلْت أَيَجُوزُ أَنْ أُسَلِّفَك شَيْئًا ثُمَّ يَكُونُ لَك أَنْ تَمْنَعَنِي مِنْهُ وَلَمْ يَفُتْ قَالَ لاَ قُلْت فَكَيْفَ تُجِيزُ إنْ وَطِئَهَا أَنْ لاَ يَكُونَ لِي عَلَيْهَا سَبِيلٌ وَهِيَ غَيْرُ فَائِتَةٍ، وَلَوْ جَازَ لَمْ يَصِحَّ فِيهِ قَوْلٌ‏؟‏ قَالَ وَكَيْفَ إنْ أَجَزْته لاَ يَصِحُّ فِيهِ قَوْلٌ‏؟‏ قُلْت‏:‏ لِأَنِّي إذَا سَلَّطْته عَلَى إسْلاَفِهَا فَقَدْ أَبَحْت فَرْجَهَا لِلَّذِي سُلِّفَهَا فَإِنْ لَمْ يَطَأْهَا حَتَّى يَأْخُذَهَا السَّيِّدُ أَبَحْته لِلسَّيِّدِ فَكَانَ الْفَرْجُ حَلاَلاً لِرَجُلٍ ثُمَّ حُرِّمَ عَلَيْهِ بِلاَ إخْرَاجٍ لَهُ مِنْ مِلْكِهِ، وَلاَ تَمْلِيكِهِ رَقَبَةَ الْجَارِيَةِ غَيْرَهُ، وَلاَ طَلاَقَ‏.‏

أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ‏:‏ قَالَ‏.‏

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ وَكُلُّ فَرْجٍ حَلَّ فَإِنَّمَا يَحْرُمُ بِطَلاَقٍ أَوْ إخْرَاجِ مَا مَلَكَهُ إلَى مِلْكِ غَيْرِهِ أَوْ أُمُورٍ لَيْسَ الْمُسْتَسْلِفُ فِي وَاحِدٍ مِنْهَا قَالَ أَفَتُوَضِّحُهُ بِغَيْرِ هَذَا مِمَّا نَعْرِفُهُ‏؟‏ قُلْت نَعَمْ قِيَاسًا عَلَى أَنَّ السُّنَّةَ فَرَّقَتْ بَيْنَهُ قَالَ فَاذْكُرْهُ قُلْت أَرَأَيْت الْمَرْأَةَ نُهِيَتْ أَنْ تُسَافِرَ إلَّا مَعَ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ وَنُهِيَتْ أَنْ يَخْلُوَ بِهَا رَجُلٌ وَلَيْسَ مَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ وَنُهِيَتْ عَنْ الْحَلاَلِ لَهَا مِنْ التَّزْوِيجِ إلَّا بِوَلِيٍّ‏؟‏ قَالَ نَعَمْ قُلْت أَفَتَعْرِفُ فِي هَذَا مَعْنَى نُهِيَتْ لَهُ إلَّا مَا خُلِقَ فِي الْآدَمِيِّينَ مِنْ الشَّهْوَةِ لِلنِّسَاءِ وَفِي الْآدَمِيَّاتِ مِنْ الشَّهْوَةِ لِلرِّجَالِ فَحِيطَ فِي ذَلِكَ لِئَلَّا يُنْسَبَ إلَى الْمُحَرَّمِ مِنْهُ، ثُمَّ حِيطَ فِي الْحَلاَلِ مِنْهُ لِئَلَّا يُنْسَبَ إلَى تَرْكِ الْحَظِّ فِيهِ أَوْ الدُّلْسَةِ‏؟‏ قَالَ مَا فِيهِ مَعْنَى إلَّا هَذَا أَوْ فِي مَعْنَاهُ قُلْت أَفَتَجِدُ إنَاثَ الْبَهَائِمِ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْمَعَانِي أَوْ ذُكُورَ الرِّجَالِ أَوْ الْبَهَائِمِ مِنْ الْحَيَوَانِ‏؟‏ قَالَ لاَ قُلْت فَبَانَ لَك فَرْقُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ بَيْنَهُنَّ وَأَنَّهُ إنَّمَا نُهِيَ عَنْهُ لِلْحِيَاطَةِ لِمَا خُلِقَ فِيهِنَّ مِنْ الشَّهْوَةِ لَهُنَّ‏؟‏ قَالَ نَعَمْ قُلْت فَبِهَذَا فَرَّقْنَا وَغَيْرِهِ مِمَّا فِي هَذَا كِفَايَةٌ مِنْهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، قَالَ أَفَتَقُولُ بِالذَّرِيعَةِ‏؟‏ قُلْت لاَ، وَلاَ مَعْنَى فِي الذَّرِيعَةِ إنَّمَا الْمَعْنَى فِي الِاسْتِدْلاَلِ بِالْخَبَرِ اللَّازِمِ أَوْ الْقِيَاسِ عَلَيْهِ أَوْ الْمَعْقُولِ‏.‏

باب السَّلَفِ فِي الثِّيَابِ

أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ‏:‏ قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ أَنَّهُ سُئِلَ ابْنُ شِهَابٍ عَنْ ثَوْبٍ بِثَوْبَيْنِ نَسِيئَةً فَقَالَ لاَ بَأْسَ بِهِ وَلَمْ أَعْلَمْ أَحَدًا يُكَرِّهُهُ‏.‏

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ وَمَا حَكَيْت مِنْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَعَلَ عَلَى أَهْلِ نَجْرَانَ ثِيَابًا مَعْرُوفَةً عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِمَكَّةَ وَنَجْرَانَ، وَلاَ أَعْلَمُ خِلاَفًا فِي أَنَّهُ يَحِلُّ أَنْ يُسْلِمَ فِي الثِّيَابِ بِصِفَةٍ، قَالَ وَالصِّفَاتُ فِي الثِّيَابِ الَّتِي لاَ يُسْتَغْنَى عَنْهَا، وَلاَ يَجُوزُ السَّلَفُ حَتَّى تُجْمَعَ أَنْ يَقُولَ لَك الرَّجُلُ أُسْلِمُ إلَيْك فِي ثَوْبٍ مَرْوِيٍّ أَوْ هَرَوِيٍّ أَوْ رَازِيٍّ أَوْ بَلْخِيٍّ أَوْ بَغْدَادِيٍّ طُولُهُ كَذَا وَعَرْضُهُ كَذَا صَفِيقًا دَقِيقًا أَوْ رَقِيقًا فَإِذَا جَاءَ بِهِ عَلَى أَدْنَى مَا تَلْزَمُهُ هَذِهِ الصِّفَةُ لَزِمَهُ وَهُوَ مُتَطَوِّعٌ بِالْفَضْلِ فِي الْجَوْدَةِ إذَا لَزِمَتْهَا الصِّفَةُ وَإِنَّمَا قُلْت دَقِيقًا؛ لِأَنَّ أَقَلَّ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الدِّقَّةِ غَيْرُ مُتَبَايِنِ الْخِلاَفِ فِي أَدَقَّ مِنْهُ وَأَدَقُّ مِنْهُ زِيَادَةٌ فِي فَضْلِ الثَّوْبِ وَلَمْ أَقُلْ صَفِيقًا مُرْسَلَةً؛ لِأَنَّ اسْمَ الصَّفَاقَةِ قَدْ يَقَعُ عَلَى الثَّوْبِ الدَّقِيقِ وَالْغَلِيظِ فَيَكُونُ إنْ أَعْطَاهُ غَلِيظًا أَعْطَاهُ شَرًّا مِنْ دَقِيقٍ، وَإِنْ أَعْطَاهُ دَقِيقًا أَعْطَاهُ شَرًّا مِنْ غَلِيظٍ وَكِلاَهُمَا يَلْزَمُهُ اسْمُ الصَّفَاقَةِ قَالَ وَهُوَ كَمَا وَصَفْت فِي الْأَبْوَابِ قَبْلَهُ إذَا أُلْزِمَ أَدْنَى مَا يَقَعُ عَلَيْهِ الِاسْمُ مِنْ الشَّرْطِ شَيْئًا وَكَانَ يَقَعُ الِاسْمُ عَلَى شَيْءٍ مُخَالِفٍ لَهُ هُوَ خَيْرٌ مِنْهُ لَزِمَ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ الْخَيْرَ زِيَادَةٌ يَتَطَوَّعُ بِهَا الْبَائِعُ، وَإِذَا كَانَ يَقَعُ عَلَى مَا هُوَ شَرٌّ مِنْهُ لَمْ يَلْزَمْهُ؛ لِأَنَّ الشَّرَّ نَقْصٌ لاَ يَرْضَى بِهِ الْمُشْتَرِي‏.‏

قال‏:‏ فَإِنْ شَرَطَهُ صَفِيقًا ثَخِينًا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُعْطِيَهُ دَقِيقًا، وَإِنْ كَانَ خَيْرًا مِنْهُ؛ لِأَنَّ فِي الثِّيَابِ عِلَّةٌ أَنَّ الصَّفِيقَ الثَّخِينَ يَكُونُ أَدْفَأَ فِي الْبَرْدِ وَأَكَنَّ فِي الْحَرِّ وَرُبَّمَا كَانَ أَبْقَى فَهَذِهِ عِلَّةٌ تَنْقُصُهُ، وَإِنْ كَانَ ثَمَنُ الْأَدَقِّ أَكْثَرَ فَهُوَ غَيْرُ الَّذِي أَسْلَفَ فِيهِ وَشَرَطَ لِحَاجَتِهِ‏.‏

أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ‏:‏ قَالَ‏.‏

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ وَإِنْ أَسْلَمَ فِي ثِيَابِ بَلَدٍ بِهَا ثِيَابٌ مُخْتَلِفَةُ الْغَزْلِ وَالْعَمَلِ يُعْرَفُ كُلُّهَا بِاسْمٍ سِوَى اسْمِ صَاحِبِهِ لَمْ يَجُزْ السَّلَفُ حَتَّى يَصِفَ فِيهِ مَا وَصَفْت قَبْلُ وَيَقُولَ ثَوْبٌ كَذَا وَكَذَا مِنْ ثِيَابِ بَلَدِ كَذَا وَمَتَى تَرَكَ مِنْ هَذَا شَيْئًا لَمْ يَجُزْ السَّلَفُ؛ لِأَنَّهُ بَيْعُ مُغِيبٍ غَيْرُ مَوْصُوفٍ كَمَا لاَ يَجُوزُ فِي التَّمْرِ حَتَّى يُسَمَّى جِنْسُهُ‏.‏

قال‏:‏ وَكُلُّ مَا أَسْلَمَ فِيهِ مِنْ أَجْنَاسِ الثِّيَابِ هَكَذَا كُلُّهُ إنْ كَانَ وَشْيًا نَسَبَهُ يُوسُفِيًّا أَوْ نَجْرَانِيًّا أَوْ فَارِعًا أَوْ بِاسْمِهِ الَّذِي يُعْرَفُ بِهِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ وَشْيٍ مِنْ الْعَصْبِ وَالْحَبَرَاتِ وَمَا أَشْبَهُهُ، وَصْفُهُ ثَوْبٌ حَبَرَةٌ مِنْ عَمَلِ بَلَدِ كَذَا دَقِيقُ الْبُيُوتِ، أَوْ مُتَرَّكًا مُسَلْسَلاً أَوْ صِفَتُهُ أَوْ جِنْسُهُ الَّذِي هُوَ جِنْسُهُ وَبَلَدُهُ فَإِنْ اخْتَلَفَ عَمَلُ ذَلِكَ الْبَلَدِ قَالَ مِنْ عَمَلِ كَذَا لِلْعَمَلِ الَّذِي‏.‏ يُعْرَفُ بِهِ لاَ يُجْزِئُ فِي السَّلَمِ دُونَهُ وَكَذَلِكَ فِي ثِيَابِ الْقُطْنِ كَمَا وَصَفْت فِي الْعَصْبِ قَبْلَهَا وَكَذَلِكَ الْبَيَاضُ وَالْحَرِيرُ وَالطَّيَالِسَةُ وَالصُّوفُ كُلُّهُ وَالْإِبْرَيْسَمُ وَإِذَا عُمِلَ الثَّوْبُ مِنْ قَزٍّ أَوْ مِنْ كَتَّانٍ أَوْ مِنْ قُطْنٍ وَصَفَهُ، وَإِنْ لَمْ يَصِفْ غَزْلَهُ إذَا عُمِلَ مِنْ غُزُولٍ مُخْتَلِفَةٍ أَوْ مِنْ كُرْسُفٍ مَرْوِيٍّ أَوْ مِنْ كُرْسُفٍ خَشِنٍ لَمْ يَصِحَّ، وَإِنْ كَانَ إنَّمَا يُعْمَلُ مِنْ صِنْفٍ وَاحِدٍ بِبَلَدِهِ الَّذِي سَلَّفَ فِيهِ لَمْ يَضُرَّهُ أَنْ لاَ يَصِفَ غَزْلَهُ إذَا وَصَفَ الدِّقَّةَ وَالْعَمَلَ وَالذَّرْعَ وَقَالَ فِي كُلِّ مَا يُسْلِمُ فِيهِ جَيِّدٌ أَوْ رَدِيءٌ وَلَزِمَهُ كُلُّ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الْجَوْدَةِ أَوْ الرَّدَاءَةِ أَوْ الصِّفَةِ الَّتِي يَشْتَرِطُ قَالَ، وَإِنْ سَلَّفَ فِي وَشْيٍ لَمْ يَجُزْ حَتَّى يَكُونَ لِلْوَشْيِ صِفَةٌ يَعْرِفُهَا أَهْلُ الْعَدْلِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَلاَ خَيْرَ فِي أَنْ يُرِيَهُ خِرْقَةً وَيَتَوَاضَعَانِهَا عَلَى يَدِ عَدْلٍ يُوَفِّيهِ الْوَشْيَ عَلَيْهَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْوَشْيُ مَعْرُوفًا كَمَا وَصَفْت؛ لِأَنَّ الْخِرْقَةَ قَدْ تَهْلِكُ فَلاَ يُعْرَفُ الْوَشْيُ‏.‏

باب السَّلَفِ فِي الْأُهُبِ وَالْجُلُودِ

قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله‏:‏ وَلاَ يَجُوزُ السَّلَفُ فِي جُلُودِ الْإِبِلِ، وَلاَ الْبَقَرِ، وَلاَ أُهُبِ الْغَنَمِ، وَلاَ جِلْدٍ، وَلاَ إهَابٍ مِنْ رَقٍّ، وَلاَ غَيْرِهِ، وَلاَ يُبَاعُ إلَّا مَنْظُورًا إلَيْهِ قَالَ وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يَجُزْ لَنَا أَنْ نَقِيسَهُ عَلَى الثِّيَابِ؛ لِأَنَّا لَوْ قِسْنَاهُ عَلَيْهَا لَمْ يَحِلَّ إلَّا مَذْرُوعًا مَعَ صِفَتِهِ وَلَيْسَ يُمْكِنُ فِيهِ الذَّرْعُ لِاخْتِلاَفِ خِلْقَتِهِ عَنْ أَنْ يُضْبَطَ بِذَرْعٍ بِحَالٍ وَلَوْ ذَهَبْنَا نَقِيسُهُ عَلَى مَا أَجَزْنَا مِنْ الْحَيَوَانِ بِصِفَةٍ لَمْ يَصِحَّ لَنَا وَذَلِكَ أَنَّا إنَّمَا نُجِيزُ السَّلَفَ فِي بَعِيرٍ مِنْ نَعَمِ بَنِي فُلاَنٍ ثَنِيٍّ أَوْ جَذَعٍ مَوْصُوفٍ فَيَكُونُ هَذَا فِيهِ كَالذَّرْعِ فِي الثَّوْبِ وَيَقُولُ رِبَاعٌ وَبَازِلٌ وَهُوَ فِي كُلِّ سِنٍّ مِنْ هَذِهِ الْأَسْنَانِ أَعْظَمُ مِنْهُ فِي السِّنِّ قَبْلَهُ حَتَّى يَتَنَاهَى عِظَمُهُ وَذَلِكَ مَعْرُوفٌ مَضْبُوطٌ كَمَا يَضْبِطُ الذَّرْعُ وَهَذَا لاَ يُمْكِنُ فِي الْجُلُودِ لاَ يَقْدِرُ عَلَى أَنْ يُقَالَ جِلْدُ بَقَرَةٍ ثَنِيَّةٍ أَوْ رِبَاعٍ، وَلاَ شَاةٍ كَذَلِكَ، وَلاَ يَتَمَيَّزُ فَيُقَالُ بَقَرَةٌ مِنْ نِتَاجِ بَلَدِ كَذَا؛ لِأَنَّ النِّتَاجَ يَخْتَلِفُ فِي الْعِظَمِ فَلَمَّا لَمْ يَكُنْ الْجِلْدُ يُوقِعُ عَلَى مَعْرِفَتِهِ كَمَا يُوقِعُ عَلَى مَعْرِفَةِ مَا كَانَ قَائِمًا مِنْ الْحَيَوَانِ فَيُعْرَفُ بِصِفَةِ نِتَاجِ بَلَدِهِ عِظَمُهُ مِنْ صِغَرِهِ خَالَفَتْ الْجُلُودُ الْحَيَوَانَ فِي هَذَا وَفِي أَنَّ مِنْ الْحَيَوَانِ مَا يَكُونُ السِّنُّ مِنْهُ أَصْغَرَ مِنْ السِّنِّ مِثْلِهِ وَالْأَصْغَرُ خَيْرٌ عِنْدَ التُّجَّارِ فَيَكُونُ أَمَشَى وَأَحْمَلَ مَا كَانَتْ فِيهِ الْحَيَاةُ فَيَشْتَرِي الْبَعِيرَ بِعِشْرِينَ بَعِيرًا أَوْ أَكْثَرَ كُلُّهَا أَعْظَمُ مِنْهُ لِفَضْلِ التُّجَّارِ لِلْمَشْيِ وَيُدْرِكُ بِذَلِكَ صِفَتَهُ وَجِنْسَهُ وَلَيْسَ هَذَا فِي الْجُلُودِ هَكَذَا الْجُلُودُ لاَ حَيَاةَ فِيهَا وَإِنَّمَا تَفَاضُلُهَا فِي ثَخَانَتِهَا وَسَعَتِهَا وَصَلاَبَتِهَا وَمَوَاضِعَ مِنْهَا فَلَمَّا لَمْ نَجِدْ خَبَرًا نَتَّبِعُهُ، وَلاَ قِيَاسًا عَلَى شَيْءٍ مِمَّا أَجَزْنَا السَّلَفَ فِيهِ لَمْ يَجُزْ أَنْ نُجِيزَ السَّلَفَ فِيهِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ‏.‏ وَرَأَيْنَاهُ لَمَّا لَمْ يُوقَفْ عَلَى حَدِّهِ فِيهَا رَدَدْنَا السَّلَمَ فِيهِ وَلَمْ نُجِزْهُ نَسِيئَةً وَذَلِكَ أَنَّ مَا بِيعَ نَسِيئَةً لَمْ يَجُزْ إلَّا مَعْلُومًا وَهَذَا لاَ يَكُونُ مَعْلُومًا بِصِفَةٍ بِحَالٍ‏.‏

باب السَّلَفِ فِي الْقَرَاطِيسِ

قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله‏:‏ إنْ كَانَتْ الْقَرَاطِيسُ- تُعْرَفُ بِصِفَةٍ كَمَا تُعْرَفُ الثِّيَابُ بِصِفَةٍ وَذَرْعٍ وَطُولٍ وَعَرْضٍ وَجَوْدَةٍ وَرِقَّةٍ وَغِلَظٍ وَاسْتِوَاءِ صَنْعَةٍ أَسْلَفَ فِيهَا عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ، وَلاَ يَجُوزُ حَتَّى تُسْتَجْمَعَ هَذِهِ الصِّفَاتُ كُلُّهَا، وَإِنْ كَانَتْ تَخْتَلِفُ فِي قُرًى أَوْ رَسَاتِيقَ لَمْ يَجُزْ حَتَّى يُقَالَ صَنْعَةُ قَرْيَةِ كَذَا أَوْ كُورَةِ كَذَا أَوْ رُسْتَاقِ كَذَا فَإِنْ تَرَكَ مِنْ هَذَا شَيْئًا لَمْ يَجُزْ السَّلَفُ فِيهِ وَالْقَوْلُ فِيهَا كَالْقَوْلِ فِيمَا أَجَزْنَا فِيهِ السَّلَفَ غَيْرُهَا، وَإِنْ‏.‏ كَانَتْ لاَ تُضْبَطُ بِهَذَا فَلاَ خَيْرَ فِي السَّلَفِ فِيهَا، وَلاَ أَحْسِبُهَا بِهَذَا إلَّا مَضْبُوطَةً أَوْ ضَبْطُهَا أَصَحُّ مِنْ ضَبْطِ الثِّيَابِ أَوْ مِثْلُهُ‏.‏

باب السَّلَفِ فِي الْخَشَبِ ذَرْعًا

قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله‏:‏ مَنْ سَلَّفَ فِي خَشَبِ السَّاجِ فَقَالَ سَاجٌ سَمْحٌ طُولُ الْخَشَبَةِ مِنْهُ كَذَا وَغِلَظُهَا كَذَا وَكَذَا وَلَوْنُهَا كَذَا فَهَذَا جَائِزٌ، وَإِنْ تَرَكَ مِنْ هَذَا شَيْئًا لَمْ يَجُزْ وَإِنَّمَا أَجَزْنَا هَذَا لِاسْتِوَاءِ نَبْتَتِهِ وَأَنَّ طَرَفَيْهِ لاَ يَقْرَبَانِ وَسَطَهُ، وَلاَ جَمِيعَ مَا بَيْنَ طَرَفَيْهِ مِنْ نَبْتَتِهِ، وَإِنْ اخْتَلَفَ طَرَفَاهُ تَقَارُبًا، وَإِذَا شَرَطَ لَهُ غِلَظًا فَجَاءَهُ بِأَحَدِ الطَّرَفَيْنِ عَلَى الْغِلَظِ وَالْآخَرُ أَكْثَرُ فَهُوَ مُتَطَوِّعٌ بِالْفَضْلِ، وَلَزِمَ الْمُشْتَرِي أَخْذُهُ، فَإِنْ جَاءَ بِهِ نَاقِصًا مِنْ طُولٍ، أَوْ نَاقِصَ أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ مِنْ غِلَظٍ لَمْ يَلْزَمْهُ؛ لِأَنَّ هَذَا نَقْصٌ مِنْ حَقِّهِ‏.‏

قال‏:‏ وَكُلُّ مَا اسْتَوَتْ نَبْتَتُهُ حَتَّى يَكُونَ مَا بَيْنَ طَرَفَيْهِ مِنْهُ لَيْسَ بِأَدَقَّ مِنْ طَرَفَيْهِ وَأَحَدُهُمَا مِنْ السَّمْحِ أَوْ تَرَبَّعَ رَأْسُهُ فَأَمْكَنَ الذَّرْعُ فِيهِ أَوْ تَدَوَّرَ تَدَوُّرًا مُسْتَوِيًا فَأَمْكَنَ الذَّرْعُ فِيهِ وَشَرَطَ فِيهِ مَا وَصَفْت فِي السَّاجِ جَازَ السَّلَفُ فِيهِ وَسَمَّى جِنْسَهُ فَإِنْ كَانَ مِنْهُ جِنْسٌ يَخْتَلِفُ فَيَكُونُ بَعْضُهُ خَيْرًا مِنْ بَعْضٍ مِثْلُ الدَّوْمِ فَإِنَّ الْخَشَبَةَ مِنْهُ تَكُونُ خَيْرًا مِنْ الْخَشَبِ مِثْلِهَا لِلْحُسْنِ لَمْ يُسْتَغْنَ عَنْ أَنْ يُسَمَّى جِنْسُهُ كَمَا لاَ يُسْتَغْنَى أَنْ يُسَمَّى جِنْسُ الثِّيَابِ فَإِنْ تَرَكَ تَسْمِيَةَ جِنْسِهِ فَسَدَ السَّلَفُ فِيهِ وَمَا لَمْ يَخْتَلِفْ أَجَزْنَا السَّلَفَ فِيهِ بِالصِّفَةِ وَالذَّرْعِ عَلَى نَحْوِ مَا وَصَفْت قَالَ وَمَا كَانَ مِنْهُ طَرَفَاهُ أَوْ أَحَدُهُمَا أَجَلَّ مِنْ الْآخَرِ وَنَقَصَ مَا بَيْنَ طَرَفَيْهِ أَوْ مِمَّا بَيْنَهُمَا لَمْ يَجُزْ السَّلَفُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ غَيْرُ مَوْصُوفِ الْعَرْضِ كَمَا لاَ يَجُوزُ أَنْ يُسَلِّفَ فِي ثَوْبٍ مَوْصُوفِ الطُّولِ غَيْرِ مَوْصُوفِ الْعَرْضِ قَالَ فَعَلَى هَذَا السَّلَفُ فِي الْخَشَبِ الَّذِي يُبَاعُ ذَرْعًا كُلُّهُ وَقِيَاسُهُ لاَ يَجُوزُ حَتَّى تَكُونَ كُلُّ خَشَبَةٍ مِنْهُ مَوْصُوفَةً مَحْدُودَةً كَمَا وَصَفْت وَهَكَذَا خَشَبُ الْمَوَائِدِ يُوصَفُ طُولُهَا وَعَرْضُهَا وَجِنْسُهَا وَلَوْنُهَا‏.‏

قال‏:‏ وَلاَ بَأْسَ بِإِسْلاَمِ الْخَشَبِ فِي الْخَشَبِ، وَلاَ رِبَا فِيمَا عَدَا الْكَيْلَ وَالْوَزْنَ مِنْ الْمَأْكُولِ وَالْمَشْرُوبِ كُلِّهِ وَالذَّهَبِ وَالْوَرِقِ وَمَا عَدَا هَذَا فَلاَ بَأْسَ بِالْفَضْلِ فِي بَعْضِهِ عَلَى بَعْضٍ يَدًا بِيَدٍ وَنَسِيئَةً سَلَمًا وَغَيْرَ سَلَمٍ كَيْفَ كَانَ إذَا كَانَ مَعْلُومًا‏.‏

باب السَّلَمِ فِي الْخَشَبِ وَزْنًا

قَالَ الرَّبِيعُ‏:‏ قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ وَمَا صَغُرَ مِنْ الْخَشَبِ لَمْ يَجُزْ السَّلَفُ فِيهِ عَدَدًا، وَلاَ حُزَمًا، وَلاَ يَجُوزُ حَتَّى يُسَمَّى الْجِنْسُ مِنْهُ فَيَقُولُ سَاسِمًا أَسْوَدَ أَوْ آبِنُوسًا يَصِفُ لَوْنَهُ بِنِسْبَتِهِ إلَى الْغِلَظِ مِنْ ذَلِكَ الصِّنْفِ أَوْ إلَى أَنْ يَكُونَ مِنْهُ دَقِيقًا أَمَّا إذَا اشْتَرَيْت جُمْلَةً قُلْت دِقَاقًا أَوْ أَوْسَاطًا أَوْ غِلاَظًا وَزْنَ كَذَا وَكَذَا وَأَمَّا إذَا اشْتَرَيْته مُخْتَلِفًا قُلْت كَذَا وَكَذَا رِطْلاً غَلِيظًا وَكَذَا وَكَذَا وَسَطًا وَكَذَا وَكَذَا رَقِيقًا لاَ يَجُوزُ فِيهِ غَيْرُ هَذَا فَإِنْ تَرَكْت مِنْ هَذَا شَيْئًا فَسَدَ السَّلَفُ وَأُحِبُّ لَوْ قُلْت سَمْحًا فَإِنْ لَمْ تَقُلْهُ فَلَيْسَ لَك فِيهِ عَقْدٌ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ تَمْنَعُهُ السَّمَاحُ وَهِيَ عَيْبٌ فِيهِ تَنْقُصُهُ وَكُلُّ مَا كَانَ فِيهِ عَيْبٌ يَنْقُصُهُ لِمَا يُرَادُ لَهُ لَمْ يَلْزَمْ الْمُشْتَرِي وَهَكَذَا كُلُّ مَا اُشْتُرِيَ لِلتِّجَارَةِ عَلَى مَا وَصَفْت لَك لاَ يَجُوزُ إلَّا مَذْرُوعًا مَعْلُومًا أَوْ مَوْزُونًا مَعْلُومًا بِمَا وَصَفْت‏.‏

قال‏:‏ وَمَا اُشْتُرِيَ مِنْهُ حَطَبًا يُوقَدُ بِهِ وُصِفَ حَطَبٌ سُمْرٌ أَوْ سَلَمٌ أَوْ حَمْضٌ أَوْ أَرَاكٌ أَوْ قَرَظٌ أَوْ عَرْعَرٌ وَوُصِفَ بِالْغِلَظِ وَالْوَسَطِ وَالدِّقَّةِ وَمَوْزُونًا فَإِنْ تَرَكَ مِنْ هَذَا شَيْئًا لَمْ يَجُزْ، وَلاَ يَجُوزُ أَنْ يُسَلِّفَ عَدَدًا، وَلاَ حُزَمًا، وَلاَ غَيْرَ مَوْصُوفٍ مَوْزُونٍ بِحَالٍ، وَلاَ مَوْزُونٍ غَيْرِ مَوْصُوفٍ بِغِلَظِهِ وَدِقَّتِهِ وَجِنْسِهِ فَإِنْ تَرَكَ مِنْ هَذَا شَيْئًا فَسَدَ السَّلَفُ‏.‏

قال‏:‏ فَأَمَّا عِيدَانُ الْقِسِيِّ فَلاَ يَجُوزُ السَّلَفُ فِيهَا إلَّا بِأَمْرٍ قَلَّمَا يَكُونُ فِيهَا مَوْجُودًا فَإِذَا كَانَ فِيهَا مَوْجُودًا جَازَ، وَذَلِكَ أَنْ يَقُولَ عُودُ شَوْحَطَةٍ جِذْلٌ مِنْ نَبَاتِ أَرْضِ كَذَا السَّهْلِ مِنْهَا أَوْ الْجَبَلِ أَوْ دَقِيقٌ أَوْ وَسَطٌ طُولُهُ كَذَا وَعَرْضُهُ كَذَا وَعَرْضُ رَأْسِهِ كَذَا وَيَكُونُ مُسْتَوَى النَّبْتَةِ وَمَا بَيْنَ الطَّرَفَيْنِ مِنْ الْغِلَظِ فَكُلُّ مَا أَمْكَنَتْ فِيهِ هَذِهِ الصِّفَةُ مِنْهُ جَازَ وَمَا لَمْ يُمْكِنْ لَمْ يَجُزْ وَذَلِكَ أَنَّ عِيدَانَ الْأَرْضِ تَخْتَلِفُ فَتَبَايَنَ وَالسَّهْلُ وَالْجَبَلُ مِنْهَا يَتَبَايَنُ وَالْوَسَطُ وَالدَّقِيقُ يَتَبَايَنُ وَكُلُّ مَا فِيهِ هَذِهِ الصِّفَةُ مِنْ شِرْيَانٍ أَوْ نَبْعٍ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ أَصْنَافِ عِيدَانِ الْقِسِيِّ جَازَ وَقَالَ فِيهِ خُوطًا أَوْ فِلْقَةً وَالْفِلْقَةُ أَقْدَمُ نَبَاتًا مِنْ الْخُوطِ وَالْخُوطُ الشَّابُّ، وَلاَ خَيْرَ فِي السُّلْفَةِ فِي قِدَاحِ النَّبْلِ شَوْحَطًا كَانَتْ أَوْ قَنَا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الصِّفَةَ لاَ تَقَعُ عَلَيْهَا وَإِنَّمَا تَفَاضُلٌ فِي الثَّخَانَةِ وَتَبَايُنٌ فِيهَا فَلاَ يَقْدِرُ عَلَى ذَرْعِ ثَخَانَتِهَا، وَلاَ يَتَقَارَبُ فَنُجِيزُ أَقَلَّ مَا تَقَعُ عَلَيْهِ الثَّخَانَةُ كَمَا نُجِيزُهُ فِي الثِّيَابِ‏.‏

باب السَّلَفِ فِي الصُّوفِ

قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله‏:‏ لاَ يَجُوزُ السَّلَفُ فِي الصُّوفِ حَتَّى يُسَمَّى صُوفُ ضَأْنِ بَلَدِ كَذَا لِاخْتِلاَفِ أَصْوَافِ الضَّأْنِ بِالْبُلْدَانِ وَيُسَمَّى لَوْنُ الصُّوفِ لِاخْتِلاَفِ أَلْوَانِ الْأَصْوَافِ وَيُسَمَّى جَيِّدًا وَنَقِيًّا وَمَغْسُولاً لِمَا يَعْلَقُ بِهِ مِمَّا يُثْقِلُ وَزْنَهُ وَيُسَمَّى طِوَالاً أَوْ قِصَارًا مِنْ الصُّوفِ لِاخْتِلاَفِ قِصَارِهِ وَطِوَالِهِ وَيَكُونُ بِوَزْنٍ مَعْلُومٍ فَإِنْ تَرَكَ مِنْ هَذَا شَيْئًا وَاحِدًا فَسَدَ السَّلَفُ فِيهِ، وَإِذَا جَاءَ بِأَقَلَّ مِمَّا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الطُّولِ مِنْ الصُّوفِ وَأَقَلَّ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الْجَوْدَةِ وَأَقَلَّ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الْبَيَاضِ وَأَقَلَّ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ النَّقَاءِ وَجَاءَ بِهِ مِنْ صُوفِ ضَأْنِ الْبَلَدِ الَّذِي سَمَّى لَزِمَ الْمُشْتَرِي قَالَ وَلَوْ اخْتَلَفَ صُوفُ الْإِنَاثِ وَالْكِبَاشِ ثُمَّ كَانَ يُعْرَفُ بَعْدَ الْجِزَازِ لَمْ يَجُزْ حَتَّى يُسَمَّى صُوفَ فُحُولٍ أَوْ إنَاثٍ، وَإِنْ لَمْ يَتَبَايَنْ وَلَمْ يَكُنْ يَتَمَيَّزُ فَيُعْرَفُ بَعْدَ الْجِزَازِ فَوَصَفَهُ بِالطُّولِ وَمَا وَصَفْت جَازَ السَّلَفُ فِيهِ، وَلاَ يَجُوزُ أَنْ يُسَلِّفَ فِي صُوفِ غَنَمِ رَجُلٍ بِعَيْنِهَا؛ لِأَنَّهَا قَدْ تَتْلَفُ وَتَأْتِي الْآفَةُ عَلَى صُوفِهَا، وَلاَ يُسَلِّفُ إلَّا فِي شَيْءٍ مَوْصُوفٍ مَضْمُونٍ مَوْجُودٍ فِي وَقْتِهِ لاَ يُخْطِئُ، وَلاَ يَجُوزُ فِي صُوفِ غَنَمِ رَجُلٍ بِعَيْنِهَا؛ لِأَنَّهُ يُخْطِئُ وَيَأْتِي عَلَى غَيْرِ الصِّفَةِ وَلَوْ كَانَ الْأَجَلُ فِيهَا سَاعَةً مِنْ النَّهَارِ؛ لِأَنَّ الْآفَةَ قَدْ تَأْتِي عَلَيْهَا أَوْ عَلَى بَعْضِهَا فِي تِلْكَ السَّاعَةِ وَكَذَلِكَ كُلُّ سَلَفٍ مَضْمُونٍ لاَ خَيْرَ فِي أَنْ يَكُونَ فِي شَيْءٍ بِعَيْنِهِ؛ لِأَنَّهُ يُخْطِئُ، وَلاَ خَيْرَ فِي أَنْ يُسَلِّفَهُ فِي صُوفٍ بِلاَ صِفَةٍ وَيُرِيهِ صُوفًا فَيَقُولُ أَسْتَوْفِيهِ مِنْك عَلَى بَيَاضِ هَذَا وَنَقَائِهِ وَطُولِهِ؛ لِأَنَّ هَذَا قَدْ يَهْلِكُ فَلاَ يَدْرِي كَيْفَ صِفَتُهُ فَيَصِيرُ السَّلَفُ فِي شَيْءٍ مَجْهُولٍ قَالَ، وَإِنْ أَسْلَمَ فِي وَبَرِ الْإِبِلِ أَوْ شَعْرِ الْمِعْزَى لَمْ يَجُزْ إلَّا كَمَا وَصَفْت فِي الصُّوفِ وَيَبْطُلُ مِنْهُ مَا يَبْطُلُ مِنْهُ فِي الصُّوفِ لاَ يَخْتَلِفُ‏.‏

باب السَّلَفِ فِي الْكُرْسُفِ

قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله‏:‏ لاَ خَيْرَ فِي السَّلَفِ فِي كُرْسُفٍ بِجَوْزِهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِمَّا صَلاَحُهُ فِي أَنْ يَكُونَ مَعَ جَوْزِهِ إنَّمَا جَوْزُهُ قِشْرَةٌ تُطْرَحُ عَنْهُ سَاعَةَ يَصْلُحُ، وَلاَ خَيْرَ فِيهِ حَتَّى يُسَمَّى كُرْسُفَ بَلَدِ كَذَا وَكَذَا وَيُسَمَّى جَيِّدًا أَوْ رَدِيئًا وَيُسَمَّى أَبْيَضَ نَقِيًّا أَوْ أَسْمَرَ وَبِوَزْنٍ مَعْلُومٍ وَأَجَلٍ مَعْلُومٍ فَإِنْ تَرَكَ مِنْ هَذَا شَيْئًا وَاحِدًا لَمْ يَجُزْ السَّلَفُ فِيهِ وَذَلِكَ أَنَّ كُرْسُفَ الْبُلْدَانِ يَخْتَلِفُ فَيَلِينَ وَيَخْشُنُ وَيَطُولُ شَعْرُهُ وَيَقْصُرُ وَيُسَمَّى أَلْوَانُهَا‏.‏ وَلاَ خَيْرَ فِي السَّلَمِ فِي كُرْسُفِ أَرْضِ رَجُلٍ بِعَيْنِهَا كَمَا وَصَفْنَا قَبْلَهُ وَلَكِنْ يُسْلِمُ فِي صِفَةٍ مَأْمُونَةٍ فِي أَيْدِي النَّاسِ، وَإِنْ اخْتَلَفَ قَدِيمُ الْكُرْسُفِ وَجَدِيدُهُ سَمَّاهُ قَدِيمًا أَوْ جَدِيدًا مِنْ كُرْسُفِ سَنَةٍ أَوْ سَنَتَيْنِ، وَإِنْ كَانَ يَكُونُ نَدِيًّا سَمَّاهُ جَافًّا لاَ يُجْزِئُ فِيهِ غَيْرُ ذَلِكَ وَلَوْ أَسْلَمَ فِيهِ مُنَقًّى مِنْ حَبِّهِ كَانَ أَحَبَّ إلَيَّ، وَلاَ أَرَى بَأْسًا أَنْ يُسْلِمَ فِيهِ بِحَبِّهِ وَهُوَ كَالنَّوَى فِي التَّمْرِ‏.‏

باب السَّلَفِ فِي الْقَزِّ وَالْكَتَّانِ

قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله‏:‏ وَإِذَا ضَبَطَ الْقَزَّ بِأَنْ يُقَالَ قَزُّ بَلَدِ كَذَا وَيُوصَفَ لَوْنُهُ وَصَفَاؤُهُ وَنَقَاؤُهُ وَسَلاَمَتُهُ مِنْ الْعَيْبِ وَوَزْنُهُ فَلاَ بَأْسَ بِالسَّلَفِ فِيهِ، وَلاَ خَيْرَ فِي أَنْ يَتْرُكَ مِنْ هَذَا شَيْئًا وَاحِدًا فَإِنْ لَمْ يَجُزْ فِيهِ السَّلَفُ، وَإِنْ كَانَ لاَ يُضْبَطُ هَذَا فِيهِ لَمْ يَجُزْ فِيهِ السَّلَفُ، وَهَكَذَا الْكَتَّانُ، وَلاَ خَيْرَ فِي أَنْ يُسَلِّفَ مِنْهُ فِي شَيْءٍ عَلَى عَيْنٍ يَأْخُذُهَا عِنْدَهُ؛ لِأَنَّ الْعَيْنَ تَهْلِكُ وَتَتَغَيَّرُ، وَلاَ يَجُوزُ السَّلَفُ فِي هَذَا وَمَا كَانَ فِي مَعْنَاهُ إلَّا بِصِفَةٍ تُضْبَطُ، وَإِنْ اخْتَلَفَ طُولُ الْقَزِّ وَالْكَتَّانِ فَتَبَايَنَ طُولُهُ سُمِّيَ طُولُهُ، وَإِنْ لَمْ يَخْتَلِفْ جَاءَ الْوَزْنُ عَلَيْهِ وَأَجْزَأَهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَمَا سَلَّفَ فِيهِ كَيْلاً لَمْ يَسْتَوْفِ وَزْنًا لِاخْتِلاَفِ الْوَزْنِ وَالْكَيْلِ وَكَذَلِكَ مَا سَلَّفَ فِيهِ وَزْنًا لَمْ يَسْتَوْفِ كَيْلاً‏.‏

باب السَّلَفِ فِي الْحِجَارَةِ وَالْأَرْحِيَةِ وَغَيْرِهَا مِنْ الْحِجَارَةِ

قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله‏:‏ وَلاَ بَأْسَ بِالسَّلَفِ فِي حِجَارَةِ الْبُنْيَانِ وَالْحِجَارَةُ تُفَاضَلُ بِالْأَلْوَانِ وَالْأَجْنَاسِ وَالْعِظَمِ فَلاَ يَجُوزُ السَّلَفُ فِيهَا حَتَّى يُسَمَّى مِنْهَا أَخْضَرَ أَوْ أَبْيَضَ أَوْ زَنْبَرِيًّا أَوْ سَبَلاَنِيًّا بِاسْمِهِ الَّذِي يُعْرَفُ بِهِ وَيَنْسُبُهُ إلَى الصَّلاَبَةِ وَأَنْ لاَ يَكُونَ فِيهِ عِرْقٌ، وَلاَ كَلاَ وَالْكَلاَ حِجَارَةٌ مَحْلُوقَةٌ مُدَوَّرَةٌ صِلاَبٌ لاَ تُجِيبُ الْحَدِيدَ إذَا ضُرِبَتْ تَكَسَّرَتْ مِنْ حَيْثُ لاَ يُرِيدُ الضَّارِبُ، وَلاَ تَكُونُ فِي الْبُنْيَانِ إلَّا غِشًّا‏.‏

قال‏:‏ وَيَصِفُ كِبَرَهَا بِأَنْ يَقُولَ مَا يَحْمِلُ الْبَعِيرُ مِنْهَا حَجَرَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةً أَوْ أَرْبَعَةً أَوْ سِتَّةً بِوَزْنٍ مَعْلُومٍ وَذَلِكَ أَنَّ الْأَحْمَالَ تَخْتَلِفُ وَأَنَّ الْحَجَرَيْنِ يَكُونَانِ عَلَى بَعِيرٍ فَلاَ يَعْتَدِلاَنِ حَتَّى يُجْعَلَ مَعَ أَحَدِهِمَا حَجَرٌ صَغِيرٌ وَكَذَلِكَ مَا هُوَ أَكْثَرُ مِنْ حَجَرَيْنِ فَلاَ يَجُوزُ السَّلَفُ فِي هَذَا إلَّا بِوَزْنٍ أَوْ أَنْ يَشْتَرِيَ وَهُوَ يَرَى فَيَكُونُ مِنْ بُيُوعِ الْجُزَافِ الَّتِي تُرَى، قَالَ وَكَذَلِكَ لاَ يَجُوزُ السَّلَفُ فِي النَّقَلِ وَالنَّقَلُ حِجَارَةٌ صِغَارٌ إلَّا بِأَنْ يَصِفَ صِغَارًا مِنْ النَّقْل أَوْ حَشْوًا أَوْ دَوَاخِلَ فَيُعْرَفُ هَذَا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِهِ، وَلاَ يَجُوزُ إلَّا مَوْزُونًا؛ لِأَنَّهُ لاَ يُكَالُ لِتَجَافِيهِ، وَلاَ تُحِيطُ بِهِ صِفَةٌ كَمَا تُحِيطُ بِالثَّوْبِ وَالْحَيَوَانِ وَغَيْرِهِ مِمَّا يُبَاعُ عَدَدًا، وَلاَ يَجُوزُ حَتَّى يُقَالَ صِلاَبٌ، وَإِذَا قَالَ صِلاَبٌ فَلَيْسَ لَهُ رَخْوٌ، وَلاَ كَذَّانٌ، وَلاَ مُتَفَتِّتٌ قَالَ، وَلاَ بَأْسَ بِشِرَاءِ الرُّخَامِ وَيَصِفُ كُلَّ رُخَامَةٍ مِنْهُ بِطُولٍ وَعَرْضٍ وَثَخَانَةٍ وَصَفَاءٍ وَجَوْدَةٍ، وَإِنْ كَانَتْ تَكُونُ لَهَا تَسَارِيعُ مُخْتَلِفَةٌ يَتَبَايَنُ فَضْلُهَا مِنْهَا وَصَفَ تَسَارِيعَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ اكْتَفَى بِمَا وَصَفْت فَإِنْ جَاءَهُ بِهَا فَاخْتَلَفَ فِيهَا أُرِيَهَا أَهْلُ الْبَصَرِ فَإِنْ قَالُوا يَقَعُ عَلَيْهَا اسْمُ الْجَوْدَةِ وَالصَّفَاءِ وَكَانَتْ بِالطُّولِ وَالْعَرْضِ وَالثَّخَانَةِ الَّتِي شَرَطَ لَزِمَتْهُ، وَإِنْ نَقَصَ وَاحِدٌ مِنْ هَذِهِ لَمْ تَلْزَمْهُ قَالَ‏:‏ وَلاَ بَأْسَ بِالسَّلَفِ فِي حِجَارَةِ الْمَرْمَرِ بِعِظَمٍ وَوَزْنٍ كَمَا وَصَفْت فِي الْحِجَارَةِ قَبْلَهُ وَبِصَفَاءٍ فَإِنْ كَانَتْ لَهُ أَجْنَاسٌ تَخْتَلِفُ وَأَلْوَانٌ وَصَفَهُ بِأَجْنَاسِهِ وَأَلْوَانِهِ، قَالَ، وَلاَ بَأْسَ أَنْ يَشْتَرِيَ آنِيَةً مِنْ مَرْمَرٍ بِصِفَةِ طُولٍ وَعَرْضٍ وَعُمْقٍ وَثَخَانَةٍ وَصَنْعَةٍ إنْ كَانَتْ تَخْتَلِفُ فِيهِ الصَّنْعَةُ وَصَفَ صَنْعَتَهَا وَلَوْ وَزَنَ مَعَ هَذَا كَانَ أَحَبَّ إلَيَّ، وَإِنْ تَرَكَ وَزْنَهُ لَمْ يُفْسِدْهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَإِنْ كَانَ مِنْ الْأَرْحَاءِ شَيْءٌ يَخْتَلِفُ بَلَدُهُ فَتَكُونُ حِجَارَةُ بَلَدٍ خَيْرًا مِنْ حِجَارَةِ بَلَدٍ لَمْ يَجُزْ حَتَّى يُسَمِّيَ حِجَارَةَ بَلَدٍ وَيَصِفَهَا وَكَذَلِكَ إنْ اخْتَلَفَتْ حِجَارَةُ بَلَدٍ وَصَفَ جِنْسَ الْحِجَارَةِ‏.‏

باب السَّلَفِ فِي الْقَصَّةِ وَالنُّورَةِ

قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله‏:‏ وَلاَ بَأْسَ بِالسَّلَفِ فِي الْقَصَّةِ وَالنُّورَةِ وَمَتَاعِ الْبُنْيَانِ فَإِنْ كَانَتْ تَخْتَلِفُ اخْتِلاَفًا شَدِيدًا فَلاَ يَجُوزُ السَّلَفُ فِيهَا حَتَّى يُسَمَّى نُورَةَ أَرْضِ كَذَا أَوْ قَصَّةَ أَرْضِ كَذَا وَيَشْتَرِطُ جَوْدَةً أَوْ رَدَاءَةً أَوْ يَشْتَرِطُ بَيَاضًا أَوْ سُمْرَةً أَوْ أَيَّ لَوْنٍ كَانَ إذَا تَفَاضَلَتْ فِي أَلْوَانٍ وَيَشْتَرِطُهَا بِكَيْلٍ مَعْلُومٍ وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ وَأَجَلٍ مَعْلُومٍ، وَلاَ خَيْرَ فِي السَّلَفِ فِيهَا أَحْمَالاً، وَلاَ مَكَايِل؛ لِأَنَّهَا تَخْتَلِفُ‏.‏

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ وَلاَ بَأْسَ أَنْ يَشْتَرِيَهَا أَحْمَالاً وَمَكَايِل وَجُزَافًا فِي غَيْرِ أَحْمَالٍ، وَلاَ مَكَايِل إذَا كَانَ الْمُبْتَاعُ حَاضِرًا وَالْمُتَبَايِعَانِ حَاضِرَيْنِ قَالَ وَهَكَذَا الْمَدَرُ لاَ بَأْسَ بِالسَّلَفِ فِيهِ كَيْلاً مَعْلُومًا، وَلاَ خَيْرَ فِيهِ أَحْمَالاً، وَلاَ مُكَايِلَ، وَلاَ جُزَافًا، وَلاَ يَجُوزُ إلَّا بِكَيْلٍ وَصِفَةٍ جَيِّدٍ أَوْ رَدِيءٍ وَمَدَرِ مَوْضِعِ كَذَا فَإِنْ اخْتَلَفَتْ أَلْوَانُ الْمَدَرِ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ وَكَانَ لِبَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ فَضْلٌ وَصَفَ الْمَدَرَ أَخْضَرَ أَوْ أَشْهَبَ أَوْ أَسْوَدَ قَالَ، وَإِذَا وَصَفَهُ جَيِّدًا أَتَتْ الْجَوْدَةُ عَلَى الْبَرَاءَةِ مِنْ كُلِّ مَا خَالَفَهَا فَإِنْ كَانَ فِيهِ سَبَخٌ أَوْ كذان أَوْ حِجَارَةٌ أَوْ بَطْحَاءُ لَمْ يَكُنْ لَهُ؛ لِأَنَّ هَذَا مُخَالِفٌ لِلْجَوْدَةِ وَكَذَلِكَ إنْ كَانَتْ النُّورَةُ أَوْ الْقَصَّةُ هِيَ الْمُسَلَّفُ فِيهَا لَمْ يَصْلُحْ إلَّا كَمَا وُصِفَتْ بِصِفَةٍ قَالَ، وَإِنْ كَانَتْ الْقَصَّةُ وَالنُّورَةُ مُطَيَّرَتَيْنِ لَمْ يَلْزَمْ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ الْمُطَيَّرَ عَيْبٌ فِيهِمَا وَكَذَلِكَ إنْ قَدِمَتَا قِدَمًا يَضُرُّ بِهِمَا لَمْ يَلْزَمْ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ هَذَا عَيْبٌ وَالْمَطَرُ لاَ يَكُونُ فَسَادًا لِلْمَدَرِ إذَا عَادَ جَافًّا بِحَالِهِ‏.‏

باب السَّلَفِ فِي الْعَدَدِ

أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ‏:‏ قَالَ‏:‏ قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله‏:‏ لاَ يَجُوزُ السَّلَفُ فِي شَيْءٍ عَدَدًا إلَّا مَا وَصَفْت مِنْ الْحَيَوَانِ الَّذِي يُضْبَطُ سِنُّهُ وَصِفَتُهُ وَجِنْسُهُ وَالثِّيَابِ الَّتِي تُضْبَطُ بِجِنْسِهَا وَحِلْيَتِهَا وَذَرْعِهَا وَالْخَشَبِ الَّذِي يُضْبَطُ بِجِنْسِهِ وَصِفَتِهِ وَذَرْعِهِ وَمَا كَانَ فِي مَعْنَاهُ لاَ يَجُوزُ السَّلَفُ فِي الْبِطِّيخِ، وَلاَ الْقِثَّاءِ، وَلاَ الْخِيَارِ، وَلاَ الرُّمَّانِ، وَلاَ السَّفَرْجَلِ، وَلاَ الْفِرْسِكِ، وَلاَ الْمَوْزِ، وَلاَ الْجَوْزِ، وَلاَ الْبَيْضِ أَيِّ بَيْضٍ كَانَ دَجَاجٍ أَوْ حَمَامٍ أَوْ غَيْرِهِ وَكَذَلِكَ مَا سِوَاهُ مِمَّا يَتَبَايَعُهُ النَّاسُ عَدَدًا غَيْرَ مَا اسْتَثْنَيْت وَمَا كَانَ فِي مَعْنَاهُ لِاخْتِلاَفِ الْعَدَدِ، وَلاَ شَيْءَ يُضْبَطُ مِنْ صِفَةٍ أَوْ بَيْعِ عَدَدٍ فَيَكُونُ مَجْهُولاً إلَّا أَنْ يُقَدَّرَ عَلَى أَنْ يُكَالَ أَوْ يُوزَنَ فَيُضْبَطُ بِالْكَيْلِ وَالْوَزْنِ‏.‏

باب السَّلَمِ فِي الْمَأْكُولِ كَيْلاً أَوْ وَزْنًا

قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله‏:‏ أَصْلُ السَّلَفِ فِيمَا يَتَبَايَعُهُ النَّاسُ أَصْلاَنِ فَمَا كَانَ مِنْهُ يَصْغُرُ وَتَسْتَوِي خِلْقَتُهُ فَيَحْتَمِلُهُ الْمِكْيَالُ، وَلاَ يَكُونُ إذَا كِيلَ تَجَافَى فِي الْمِكْيَالِ فَتَكُونُ الْوَاحِدَةُ مِنْهُ بَائِنَةً فِي الْمِكْيَالِ عَرِيضَةَ الْأَسْفَلِ دَقِيقَةَ الرَّأْسِ أَوْ عَرِيضَةَ الْأَسْفَلِ وَالرَّأْسِ دَقِيقَةَ الْوَسَطِ فَإِذَا وَقَعَ شَيْءٌ إلَى جَنْبِهَا مَنَعَهُ عَرْضُ أَسْفَلِهَا مِنْ أَنْ يُلْصَقَ بِهَا وَوَقَعَ فِي الْمِكْيَالِ وَمَا بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ مُتَجَافٍ ثُمَّ كَانَتْ الطَّبَقَةُ الَّتِي فَوْقَهُ مِنْهُ هَكَذَا لَمْ يَجُزْ أَنْ يُكَالَ وَاسْتَدْلَلْنَا عَلَى أَنَّ النَّاسَ إنَّمَا تَرَكُوا كَيْلَهُ لِهَذَا الْمَعْنَى، وَلاَ يَجُوزُ أَنْ يُسَلِّفَ فِيهِ كَيْلاً وَفِي نِسْبَتِهِ بِهَذَا الْمَعْنَى مَا عَظُمَ وَاشْتَدَّ فَصَارَ يَقَعُ فِي الْمِكْيَالِ مِنْهُ الشَّيْءُ ثُمَّ يَقَعُ فَوْقَهُ مِنْهُ شَيْءٌ مُعْتَرِضًا وَمَا بَيْنَ الْقَائِمِ تَحْتَهُ مُتَجَافٍ فَيَسُدُّ الْمُعْتَرِضُ الَّذِي فَوْقَهُ الْفُرْجَةَ الَّتِي تَحْتَهُ وَيَقَعُ عَلَيْهِ فَوْقَهُ غَيْرُهُ فَيَكُونُ مِنْ الْمِكْيَالِ شَيْءٌ فَارِغٌ بَيِّنُ الْفَرَاغِ وَذَلِكَ مِثْلُ الرُّمَّانِ وَالسَّفَرْجَلِ وَالْخِيَارِ وَالْبَاذِنْجَانِ وَمَا أَشْبَهَهُ مِمَّا كَانَ فِي الْمَعْنَى الَّذِي وَصَفْت، وَلاَ يَجُوزُ السَّلَفُ فِي هَذَا كَيْلاً وَلَوْ تَرَاضَى عَلَيْهِ الْمُتَبَايِعَانِ سَلَفًا وَمَا صَغُرَ وَكَانَ يَكُونُ فِي الْمِكْيَالِ فَيَمْتَلِئُ بِهِ الْمِكْيَالُ، وَلاَ يَتَجَافَى التَّجَافِي الْبَيِّنَ مِثْلُ التَّمْرِ وَأَصْغَرُ مِنْهُ مِمَّا لاَ تَخْتَلِفُ خِلْقَتُهُ اخْتِلاَفًا مُتَبَايِنًا مِثْلُ السِّمْسِمِ وَمَا أَشْبَهَهُ أَسْلَمَ فِيهِ كَيْلاً‏.‏

قال‏:‏ وَكُلُّ مَا وَصَفْت لاَ يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهِ كَيْلاً فَلاَ بَأْسَ بِالسَّلَمِ فِيهِ وَزْنًا وَأَنْ يُسَمَّى كُلُّ صِنْفٍ مِنْهُ اخْتَلَفَ بِاسْمِهِ الَّذِي يُعْرَفُ بِهِ، وَإِنْ شَرَطَ فِيهِ عَظِيمًا أَوْ صَغِيرًا فَإِذَا أَتَى بِهِ أَقَلَّ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الْعِظَمِ وَوَزْنُهُ جَازَ عَلَى الْمُشْتَرِي فَأَمَّا الصَّغِيرُ فَأَصْغَرُهُ يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الصِّغَرِ، وَلاَ أَحْتَاجُ إلَى الْمَسْأَلَةِ عَنْهُ‏.‏

قال‏:‏ وَذَلِكَ مِثْلُ أَنْ يَقُولَ‏:‏ أُسْلِمُ إلَيْك فِي خِرْبِزٍ خُرَاسَانِيٍّ أَوْ بِطِّيخٍ شَامِيٍّ أَوْ رُمَّانٍ إمْلِيسِيٍّ أَوْ رُمَّانٍ حَرَّانِي، وَلاَ يُسْتَغْنَى فِي الرُّمَّانِ عَنْ أَنْ يَصِفَ طَعْمَهُ حُلْوًا أَوْ مُرًّا أَوْ حَامِضًا فَأَمَّا الْبِطِّيخُ فَلَيْسَ فِي طَعْمِهِ أَلْوَانٌ وَيَقُولُ عِظَامٌ أَوْ صِغَارٌ وَيَقُولُ فِي الْقِثَّاءِ هَكَذَا فَيَقُولُ قِثَّاءٌ طِوَالٌ وَقِثَّاءٌ مُدَحْرَجٌ وَخِيَارٌ يَصِفُهُ بِالْعِظَمِ وَالصِّغَرِ وَالْوَزْنِ، وَلاَ خَيْرَ فِي أَنْ يَقُولَ قِثَّاءٌ عِظَامٌ أَوْ صِغَارٌ؛ لِأَنَّهُ لاَ يَدْرِي كَمْ الْعِظَامُ وَالصِّغَارُ مِنْهُ، إلَّا أَنْ يَقُولَ كَذَا وَكَذَا رِطْلاً مِنْهُ صِغَارًا وَكَذَا وَكَذَا رِطْلاً مِنْهُ كِبَارًا وَهَكَذَا الدُّبَّاءُ وَمَا أَشْبَهَهُ فَعَلَى هَذَا، هَذَا الْبَابُ كُلُّهُ وَقِيَاسُهُ‏.‏

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ وَلاَ بَأْسَ بِالسَّلَفِ فِي الْبُقُولِ كُلِّهَا إذَا سُمِّيَ كُلُّ جِنْسٍ مِنْهَا وَقَالَ هِنْدِبًا أَوْ جِرْجِيرًا أَوْ كُرَّاثًا أَوْ خَسًّا وَأَيَّ صِنْفٍ مَا أَسْلَفَ فِيهِ مِنْهَا وَزْنًا مَعْلُومًا لاَ يَجُوزُ إلَّا مَوْزُونًا فَإِنْ تَرَكَ تَسْمِيَةَ الصِّنْفِ مِنْهُ أَوْ الْوَزْنِ لَمْ يَجُزْ السَّلَفُ‏.‏

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ وَإِنْ كَانَ مِنْهُ شَيْءٌ يَخْتَلِفُ صِغَارُهُ وَكِبَارُهُ لَمْ يَجُزْ إلَّا أَنْ يُسَمَّى صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا كَالْقُنَّبِيطِ تَخْتَلِفُ صِغَارُهُ وَكِبَارُهُ وَكَالْفُجْلِ وَكَالْجَزَرِ وَمَا اخْتَلَفَ صِغَارُهُ وَكِبَارُهُ فِي الطَّعْمِ وَالثَّمَنِ‏.‏

قال‏:‏ وَيُسَلِّفُ فِي الْجَوْزِ وَزْنًا، وَإِنْ كَانَ لاَ يَتَجَافَى فِي الْمِكْيَالِ كَمَا وَصَفْت أَسْلَمَ فِيهِ كَيْلاً وَالْوَزْنُ أَحَبُّ إلَيَّ وَأَصَحُّ فِيهِ قَالَ وَقَصَبُ السُّكَّرِ‏:‏ إذَا شَرَطَ مَحِلَّهُ فِي وَقْتٍ لاَ يَنْقَطِعُ مِنْ أَيْدِي النَّاسِ فِي ذَلِكَ الْبَلَدِ فَلاَ بَأْسَ بِالسَّلَفِ فِيهِ وَزْنًا، وَلاَ يَجُوزُ السَّلَفُ فِيهِ وَزْنًا حَتَّى يَشْتَرِطَ صِفَةَ الْقَصَبِ إنْ كَانَ يَتَبَايَنُ، وَإِنْ كَانَ أَعْلاَهُ مِمَّا لاَ حَلاَوَةَ فِيهِ، وَلاَ مَنْفَعَةَ فَلاَ يُتَبَايَعُ إلَّا أَنْ يُشْتَرَطَ أَنْ يُقْطَعَ أَعْلاَهُ الَّذِي هُوَ بِهَذِهِ الْمَنْزِلَةِ، وَإِنْ كَانَ يُتَبَايَعُ وَيُطْرَحُ مَا عَلَيْهِ مِنْ الْقِشْرِ وَيُقْطَعُ مَجَامِعُ عُرُوقِهِ مِنْ أَسْفَلِهِ قَالَ، وَلاَ يَجُوزُ أَنْ يُسَلِّفَ فِيهِ حُزَمًا، وَلاَ عَدَدًا؛ لِأَنَّهُ لاَ يُوقَفُ عَلَى حَدِّهِ بِذَلِكَ وَقَدْ رَآهُ وَنَظَرَ إلَيْهِ قَالَ‏:‏ وَلاَ خَيْرَ فِي أَنْ يَشْتَرِيَ قَصَبًا، وَلاَ بَقْلاً، وَلاَ غَيْرَهُ مِمَّا يُشْبِهُهُ بِأَنْ يَقُولَ‏:‏ أَشَتَرِي مِنْك زَرْعَ كَذَا وَكَذَا‏.‏ فَدَّانًا، وَلاَ كَذَا وَكَذَا حُزَمًا مِنْ بَقْلٍ إلَى وَقْتِ كَذَا وَكَذَا؛ لِأَنَّ زَرْعَ ذَلِكَ يَخْتَلِفُ فَيَقِلُّ وَيَكْثُرُ وَيَحْسُنُ وَيَقْبُحُ وَأَفْسَدْنَاهُ لِاخْتِلاَفِهِ فِي الْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ لِمَا وَصَفْت مِنْ أَنَّهُ غَيْرُ مَكِيلٍ، وَلاَ مَوْزُونٍ، وَلاَ مَعْرُوفِ الْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ، وَلاَ يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِيَ هَذَا إلَّا مَنْظُورًا إلَيْهِ وَكَذَلِكَ الْقَصَبُ وَالْقِرْطُ وَكُلُّ مَا أَنْبَتَتْ الْأَرْضُ لاَ يَجُوزُ السَّلَفُ فِيهِ إلَّا وَزْنًا أَوْ كَيْلاً بِصِفَةٍ مَضْمُونَةٍ لاَ مِنْ أَرْضٍ بِعَيْنِهَا فَإِنْ أَسْلَفَ فِيهِ مِنْ أَرْضٍ بِعَيْنِهَا فَالسَّلَفُ فِيهِ مُنْتَقَضٌ‏.‏

قال‏:‏ وَكَذَلِكَ لاَ يَجُوزُ فِي قَصَبٍ، وَلاَ قُرْطٍ، وَلاَ قَصِيلٍ، وَلاَ غَيْرِهِ بِحُزَمٍ، وَلاَ أَحْمَالٍ، وَلاَ يَجُوزُ فِيهِ إلَّا مَوْزُونًا مَوْصُوفًا وَكَذَلِكَ التِّينُ وَغَيْرُهُ لاَ يَجُوزُ إلَّا مَكِيلاً أَوْ مَوْزُونًا وَمِنْ جِنْسٍ مَعْرُوفٍ إذَا اخْتَلَفَتْ أَجْنَاسُهُ فَإِنْ تَرَكَ مِنْ هَذَا شَيْئًا لَمْ يَجُزْ السَّلَفُ فِيهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ‏.‏

باب بَيْعِ الْقَصَبِ وَالْقِرْطِ

أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ أَنَّهُ قَالَ فِي الْقَصَبِ لاَ يُبَاعُ إلَّا جِزَّةً أَوْ قَالَ صِرْمَةً‏.‏

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ وَبِهَذَا نَقُولُ لاَ يَجُوزُ أَنْ يُبَاعَ الْقُرْطُ إلَّا جِزَّةً وَاحِدَةً عِنْدَ بُلُوغِ الْجِزَازِ وَيَأْخُذَ صَاحِبُهُ فِي جِزَازِهِ عِنْدَ ابْتِيَاعِهِ فَلاَ يُؤَخِّرُهُ مُدَّةً أَكْثَرَ مِنْ قَدْرِ مَا يُمْكِنُهُ جِزَازُهُ فِيهِ مِنْ يَوْمِهِ‏.‏

قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ فَإِنْ اشْتَرَاهُ ثَابِتًا عَلَى أَنْ يَدَعَهُ أَيَّامًا لِيَطُولَ أَوْ يَغْلُظَ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ فَكَانَ يَزِيدُ فِي تِلْكَ الْأَيَّامِ فَلاَ خَيْرَ فِي الشِّرَاءِ وَالشِّرَاءُ مَفْسُوخٌ؛ لِأَنَّ أَصْلَهُ لِلْبَائِعِ وَفَرْعَهُ الظَّاهِرُ لِلْمُشْتَرِي فَإِذَا كَانَ يَطُولُ فَيَخْرُجُ مِنْ مَالِ الْبَائِعِ إلَى مَالِ الْمُشْتَرِي مِنْهُ شَيْءٌ لَمْ تَقَعْ عَلَيْهِ صَفْقَةُ الْبَيْعِ فَيَمْلِكُهُ كُنْت قَدْ أَعْطَيْت الْمُشْتَرِي مَا لَمْ يَشْتَرِ وَأَخَذْت مِنْ الْبَائِعِ مَا لَمْ يَبِعْ ثُمَّ أَعْطَيْته مِنْهُ شَيْئًا مَجْهُولاً لاَ يُرَى بِعَيْنٍ، وَلاَ يُضْبَطُ بِصِفَةٍ، وَلاَ يَتَمَيَّزُ فَيُعْرَفُ مَا لِلْبَائِعِ فِيهِ مِمَّا لِلْمُشْتَرِي فَيَفْسُدُ مِنْ وُجُوهٍ‏.‏

قال‏:‏ وَلَوْ اشْتَرَاهُ لِيَقْطَعَهُ فَتَرَكَهُ وَقَطْعُهُ مُمْكِنٌ لَهُ مُدَّةً يَطُولُ فِي مِثْلِهَا كَانَ الْبَيْعُ فِيهِ مَفْسُوخًا إذَا كَانَ عَلَى مَا شَرَطَ فِي أَصْلِ الْبَيْعِ أَنْ يَدَعَهُ لِمَا وَصَفْت مِمَّا اخْتَلَطَ بِهِ مِنْ مَالِ الْبَائِعِ مِمَّا لاَ يَتَمَيَّزُ كَمَا لَوْ اشْتَرَى حِنْطَةً جُزَافًا وَشَرَطَ لَهُ أَنَّهَا إنْ انْهَالَتْ عَلَيْهَا حِنْطَةٌ لَهُ فَهِيَ دَاخِلَةٌ فِي الْبَيْعِ فَانْهَالَتْ عَلَيْهَا حِنْطَةٌ لِلْبَائِعِ لَمْ يَبْتَعْهَا انْفَسَخَ الْبَيْعُ فِيهَا؛ لِأَنَّ مَا اشْتَرَى لاَ يَتَمَيَّزُ، وَلاَ يُعْرَفُ قَدْرُهُ مِمَّا لَمْ يَشْتَرِ فَيُعْطَى مَا اشْتَرَى وَيُمْنَعُ مَا لَمْ يَشْتَرِ، وَهُوَ فِي هَذَا كُلِّهِ بَائِعُ شَيْءٍ قَدْ كَانَ وَشَيْءٍ لَمْ يَكُنْ غَيْرَ مَضْمُونٍ‏.‏ عَلَى أَنَّهُ إنْ كَانَ دَخَلَ فِي الْبَيْعِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَمْ يَدْخُلْ مَعَهُ وَهَذَا الْبَيْعُ مِمَّا لاَ يَخْتَلِفُ الْمُسْلِمُونَ فِي فَسَادِهِ؛ لِأَنَّ رَجُلاً لَوْ قَالَ أَبِيعُك شَيْئًا إنْ نَبَتَ فِي أَرْضِي بِكَذَا فَإِنْ لَمْ يَنْبُتْ أَوْ نَبَتَ قَلِيلاً لَزِمَك الثَّمَنُ كَانَ مَفْسُوخًا، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ أَبِيعُك شَيْئًا إنْ جَاءَنِي مِنْ تِجَارَتِي بِكَذَا، وَإِنْ لَمْ يَأْتِ لَزِمَك الثَّمَنُ قَالَ وَلَكِنَّهُ لَوْ اشْتَرَاهُ كَمَا وَصَفْت وَتَرَكَهُ بِغَيْرِ شَرْطٍ أَيَّامًا وَقَطْعُهُ يُمْكِنُهُ فِي أَقَلَّ مِنْهَا كَانَ الْمُشْتَرِي مِنْهُ بِالْخِيَارِ فِي أَنْ يَدَعَ لَهُ الْفَضْلَ الَّذِي لَهُ بِلاَ ثَمَنٍ أَوْ يَنْقُضَ الْبَيْعَ قَالَ‏:‏ كَمَا يَكُونُ إذَا بَاعَهُ حِنْطَةً جُزَافًا فَانْهَالَتْ عَلَيْهَا حِنْطَةٌ لَهُ فَالْبَائِعُ بِالْخِيَارِ فِي أَنْ يُسْلِمَ مَا بَاعَهُ وَمَا زَادَ فِي حِنْطَتِهِ أَوْ يَرُدَّ الْبَيْعَ لِاخْتِلاَطِ مَا بَاعَ بِمَا لَمْ يَبِعْ قَالَ وَمَا أَفْسَدْت فِيهِ الْبَيْعَ فَأَصَابَ الْقَصَبَ فِيهِ آفَةٌ تُتْلِفُهُ فِي يَدَيْ الْمُشْتَرِي فَعَلَى الْمُشْتَرِي ضَمَانُهُ بِقِيمَتِهِ وَمَا أَصَابَتْهُ آفَةٌ تَنْقُصُهُ فَعَلَى الْمُشْتَرِي ضَمَانُ مَا نَقَصَهُ وَالزَّرْعُ لِبَائِعِهِ‏.‏ وَعَلَى كُلِّ مُشْتَرٍ شِرَاءً فَاسِدًا أَنْ يَرُدَّهُ كَمَا أَخَذَهُ أَوْ خَيْرًا مِمَّا أَخَذَهُ وَضَمَانُهُ إنْ تَلِفَ وَضَمَانُ نَقْصِهِ إنْ نَقَصَ فِي كُلِّ شَيْءٍ‏.‏